الانهزامية بفقدان الصبر مرفوضة خصوصاً عند تربية الأطفال وتعويدهم على هذه الخصلة والعادة السمحة، التي أعتقد أنَّها اليوم من أهم الأسلحة التي يجب أن يتحصن بها أبناء هذا الجيل، كي يُحققوا أهدافهم بضبط النفس أمام إيقاع العصر السريع تقنياً وتكنولوجياً، والعمل بهدوء وسكينة مع الثقة في النفس والمُكتسبات والقدرات، بالتمَّعن في الأمور والتبصُّر فيها بعيداً عن السقوط في براثن العجلة والسرعة والانجراف خلف المُغريات، مع ضرورة منح الأشياء وقتها اللازم وسرعتها المطلوبة للحاق بالركب والتناغم مع إيقاعات الحياة، دون نسيان الصبر الذي يُعد ضرورة مُلِّحة -برأيي- لتنشئة جيل مُحب لنفسه ووطنه ومُجتمعه، متى ما نجحنا في منحه الوقت الكافي والتجربة اللازمة لاكتساب هذه الخصلة والتحلي به، حتي يكون قارئًا جيدًا قادرًا على تحمل كل الظروف والتقلبات والأحداث الحياتية المُتسارعة، والتعايش والتفاعل معها بشكل إيجابي وصحيح بعيداً عن الانفعال. الصبر يُكتسب بالتصبُّر والتعلم والتعود والتدريب، فهو لا يولد مع الإنسان بالفطرة كما يعتقد كثيرون على طريقة (هذا ما منحني إياه ربي من الصبر، أو هذه طاقتي من الصبر) لن يتعلم الأبناء الصبر طالما أنَّ بعض الآباء يفتقدونه, تدني مستوى الصبر في بعض البيوت في نهار رمضان بالغضب لأتفه وأبسط الأسباب، مؤشر مُزعج لناحية ضرورة تعويد أبنائنا على أهمية التحلي بالحلم والصبر والتهذُّب بهما، ناهيك عن تأثير التصرفات السلبية وغير المسؤولة (لفاقدي الصبر) في الشوارع والأماكن والطرقات العامة، والحجة دائما (الصوم) الذي يُفترض أنَّه أكبر مُعلم ومُعزِّز لقضية الصبر في حياتنا، فإذا بنا نجعل منه شمَّاعة نُعلِّق عليها غضبنا وانفعالنا الزائد، وضيق أُفقنا وتوترنا غير المُبرَّر. طبياً يُقال الانفعال والغضب يأتي بسبب زيادة هرمون (الأدنيرالين) ولهذا علاج ووصفه، سلوكياً هناك من يفتعل الغضب والانفعال بشكل مُتعمَّد ويتصنَّع تلك الشخصية لأنَّ الآخرين يُلبُّون احتياجاته ويرضخون لمطالبه، حالات أخرى تتعلق بظروف نفسية كالمرأة في حالة الحمل وغيرها، والأخطر دائماً أنَّ (عاملاً وراثياً) للعصبية يكتسبه الأبناء ويتعوَّدون عليه كأسلوب حياة من آبائهم وطريقة تربيتهم الخاطئة وعدم تحمُّلِهم لظروف الحياة وتقلباتها, سرعة الغضب والانفعال بحجة الصوم (أكبر كذبة) يُمكن أن يُحاول أحدهم تمريرها عليك. وعلى دروب الخير نلتقي.