عندما أكتب منتقدًا الرئيس ترمب، سواء في مقالاتي أو تغريداتي، ينبري بعض الإخوة بالقول: «كيف تنتقد ترمب، وأنت دوماً تمدحه!»، فبعض المتابعين الكرام، يعتقدون أن المعلّق أو المحلّل للشأن السياسي مثل مشجع الرياضة، يميل عاطفياً لهذا السياسي أو ذاك، وهذا أمر غير صحيح بالمطلق، فالمعلّق يتابع الأحداث، من خلال كل المصادر الممكنة، ويقرأ ردود الأفعال، المؤيِّدة والمناهضة لها، ويطلع على رصد مراكز البحوث والدراسات العالمية، ولا يهمل التسريبات، التي تنضح من هنا وهناك، ثم يحاول أن يحلّل الحدث، ويتنبأ بتداعياته المستقبلية، عطفاً على كل ذلك، فلم أكن يوماً من مشجعي الرئيس ترمب ولا من خصومه، وذات الشيء يُقال عن بوش الابن وأوباما، وغيرهم من الساسة الأمريكيين، فمثلما أنني سبق وأن أشدت بمواقف معينة للرئيس أوباما، وانتقدته في أخرى، فذات الشيء يُقال عن موقفي من الرئيس ترمب! ومن المهم الإشارة إلى أن موقف أي رئيس أمريكي من المملكة، له دور لا يُستهان به في تقييم سياساته، وغني عن القول إنه لا يوجد إعلام محايد، وبالمثل، لا يوجد محلّل أو معلّق محايد، إذ دائماً ما تُؤثِّر الأيدولوجيا، وخلافها من المعطيات، على نقل الحدث السياسي والتعليق عليه، فالرئيس أوباما، وهو المثقف والقارئ النهم، والحريص على سمعته وتاريخه، ارتكب خطأ قاتلاً، عندما اعتقد أن بإمكانه إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، عن طريق التعامل مع إيران بطريقة سلمية، وهو الاعتقاد، الذي كانت نتيجته إنجاز الاتفاق النووي، وكان بإمكان أوباما أن يتوقف عند هذا الحد، ويدرك الأهمية الكبرى للمملكة العربية السعودية في معادلة الأمن والسلم، في هذه المنطقة الملتهبة من العالم. هذا، ولكنه ذهب بعيداً في سياساته الناعمة، واعتقد أن بإمكانه تهميش المملكة، وهذا ما حصل خلال فترته الرئاسية الثانية. خلال السنوات الأخيرة من حكم أوباما، توترت العلاقة التاريخية، بين المملكة وأمريكا، وأعتقد كثيرون بأن شمس الحلف التاريخي بين البلدين على وشك الغروب، وفات على هؤلاء، وعلى أوباما وإدارته، أن المملكة هي قائدة العالم الإسلامي، وبالتالي فهي قوة سياسية، تحتاجها كل القوى العظمى، علاوة على ثقلها الاقتصادي، ورغم أن أوباما كان يصرّح دوماً عن قوة علاقات المملكة بأمريكا، إلا أن سياساته لم تعكس ذلك، فهو انجرف كثيراً مع إيران، وضد حلفاء أمريكا التاريخيين، ولا شك أن وزير خارجيته، في فترته الرئاسية الثانية، الحمامة جون كيري، كان له دور لا يُستهان به في تخبط أوباما، وهو التخبط، الذي صحح مساره الرئيس ترمب، إذ كانت أولويته، هي إعادة التحالف التاريخي بين المملكة وأمريكا، ولذا كانت المملكة هي وجهته الخارجية الأولى، كحدث تاريخي غير مسبوق، واستمر ترمب في هذا المسار، حتى يومنا هذا، وعلاوة على ذلك، فقد حقق الكثير من الإنجازات، داخلياً وخارجياً، ومن باب الإنصاف، سأتحدث عن هذه الإنجازات، التي يتجاهلها الإعلام الأمريكي، في انحيازه المفضوح ضد هذا الرئيس، الذي اقتحم غمار السياسة، ونجح في الاختبار الأول، وسط ذهول ودهشة الجميع، داخل أمريكا وخارجها!