سبق أن كتبت مقالات عديدة، ذكرت فيها أن معظم الصعوبات التي يواجهها الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، سببها طبيعته الشخصية، إذ يتفق معظم المعلّقين، وخصوصاً خصومه، على أنه يعاني من النرجسية، أي حب الذات، ولا أحد ينافس ترمب في ذلك، فهو يحب حياة الرفاهية والترف، منذ بداياته المبكرة، وهذا متوقّع لابن مدلّل، لتاجر عقار ثري، فترمب لم يكن عصامياً، بل ولد وفي فمه ملعقة ألماس، وكل ما فعله، هو أنه عمل على تنمية الثروة، التي ورثها من والده، وقد استغل ذكائه، وعلاقته بمسؤولي مدينة نيويورك، وحصل من خلالهم على تسهيلات وصفقات كبرى، لم تتح لغيره، والنرجسية، التي يتهمه خصومه بها، تعتبر، إن صحت، اضطراب في الشخصية، ومن أهم علاماتها الغرور، والتعالي، والشعور بالأهمية، ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين! خصوم ترمب، يتهمونه بأنه يعاني من شعور غير عادي بالعظمة، وأنه يعتقد أنه نادر الوجود، كما يشيعون أنه حرص على الترشح للرئاسة لتحقيق أهدافه الشخصية، لا لخدمة الشعب الأمريكي، وهذا أمر متوقّع من خصومه، سواء الديمقراطيين، أو اليساريين عموماً، فهو يعاني من حرب شعواء ضده، منذ فوزه بالرئاسة، وجدير بالذكر أنه لا يمكن أن يسلم أي سياسي من النقد . هذا، ولكن سلوك ترمب مؤخراً، وتصريحاته، خصوصاً عندما يتحدث عن حلفائه، يعطي فرصة لخصومه بالطعن في مصداقيته، إذ تتلخص مشكلته في أنه لا يلقي بالاً لتبعات ما يقول، أي أنه لا يملك «فلتراً»، يفصل بين ما يفكر فيه، وبين ما يقوله، فالسياسي الحصيف، يعرف الفرق، بين ما يقوله في العلن، وما يقوله خلف الأبواب المغلقة، وهذا ما لا يجيده ترمب، وسبب له حرجاً مع خصومه، ومع حلفائه على حد سواء، والأهم من كل ذلك، أن بعض تصريحات ترمب، قد تساهم في تصديق ما يقوله خصومه، من أنه نرجسي، لأن من أهم صفات النرجسي أنه يجيد الابتزاز! وهذا يحتاج إلى تفصيل. من الطبيعي جداً أن يكون هناك مصالح مشتركة بين الدول، وطبيعي أن يكون للميزان التجاري دور في متانة العلاقات الدبلوماسية، وقد قامت علاقة المملكة مع أمريكا على قواعد ثابتة، كان شعارها الاحترام المتبادل، وحل ما يواجه العلاقات من مشاكل بالطرق الدبلوماسية، وخلف الأبواب المغلقة، ويحسب للرئيس، باراك أوباما، رغم كل الانتقادات له، ورغم تردي علاقات المملكة مع أمريكا في عهده، أنه كان يصرح دوماً بأهمية المملكة لأمريكا، وأنها حليف مهم وموثوق، أما ترمب، فرغم أنه أعاد التحالف التاريخي بين أمريكا والمملكة، وقام بزيارتها، كأول محطة خارجية له، وهو حدث تاريخي، إلا أنه، ومنذ أشهر، أصبح يكرر مقولاته القديمة عن الخليج، وهي أن الخليج، عبارة عن بلدان غنية، مدينة لأمريكا، وهي مقولات كان يرددها، أثناء حملته الانتخابية، كما أنها عبارات غير دقيقة، وغير صحيحة، ولم يقل بها أي رئيس أمريكي من قبل، والخلاصة، هي أن هذه المقولات، تدخل في باب الابتزاز، الذي يعتبر إحدى سمات الشخصية النرجسية، فهل نفهم من ذلك أن ترمب شخص نرجسي، ولا يستطيع التحكم بسلوكه، وبالتالي لا تأثير لتلك المقولات على الحلف السعودي الأمريكي الوثيق، أم أن الأمر أعمق من ذلك؟! وهذا أمر يحتاج التفصيل فيه إلى مقال مستقل!