بعد الحديث عن فتنة الإعلام الأمريكي بالرئيس أوباما وحربه الشرسة على الرئيس ترمب، يحسن أن نعمل مسحاً لبعض إنجازات الرجلين، ونستخلص من ذلك مدى مصداقية هذا الإعلام، ومن منهما يستحق الاحتفاء، ومن يستحق النقد، فأوباما، الذي أحدث فوزه ضجة كبرى، خصوصاً في عالمنا العربي المنكوب، كان قد وعد بحل جذري للقضية الفلسطينية، وصدَّقه العرب والمسلمون، بحكم أنه ينتمي لعرق مضطهد تاريخياً، وبحكم أن والده أفريقي مسلم، ثم تفاجؤوا بأنه أكثر إخلاصاً لدولة إسرائيل من كل رؤساء أمريكا، وهذا بشهادة واعتراف معظم الساسة الإسرائيليين الكبار، وبالتالي لم يعمل شيئاً يُذكر لهذه القضية، ولم تكن من أولوياته، ثم دعم الربيع العربي، والذي أسميه الربيع الأوبا-إخواني، وهو الربيع الذي كان الهدف منه تمكين جماعات الإسلام السياسي من حكم العالم العربي برعاية أوبامية. لم يكتف أوباما بذلك، بل كاد أن يدمر الحلف التاريخي بين أمريكا والمملكة، وتقارب مع إيران، وختم ذلك بإنجازه الوحيد، أي الاتفاق النووي، الذي يؤكّد معظم المراقبين أنه كان مجحفاً في حق أمريكا وحلفائها بالمنطقة، وانتصاراً مدوّياً لإيران، ولا يمكن أن نغفل عن دوره السلبي والمهزوز، الذي ساهم في تفاقم الثورة السورية، ومقتل وتهجير ملايين السوريين، وعودة روسيا إلى المنطقة، وعلى الجانب الآخر، استطاع ترمب، وخلال عام واحد فقط، أن ينجز الكثير، فعلاقته غير المتشنجة مع روسيا بوتين، ساهمت في وقف نزيف الدم في سوريا، كما ساهمت إدارته في القضاء على داعش بشكل كبير، علاوة على تعاونه الكبير في عودة الدفء للعلاقات الأمريكية- السعودية، وهو الأمر الذي تحتاجه منطقة الشرق الأوسط، من أجل المساهمة في حلحلة الملفات المعقدة. أما في الداخل الأمريكي، فقد تنوَّعت إنجازات ترمب، فالبورصة الأمريكية تحقق ارتفاعات متوالية وتاريخية، ومعدل البطالة ينخفض بشكل ملحوظ، خصوصاً لدى الأقليات، التي يُتهم ترمب بتجاهلها! وهناك عودة لمصانع بعض الشركات الضخمة إلى أمريكا، بعد هجرتها لدول أخرى مثل المكسيك، وهذا يحدث بسبب الحوافز التي قدمها ترمب، بحكم أنه رجل أعمال محترف، وكل هذه الإنجازات الاقتصادية لترمب في الداخل الأمريكي، لم يحقق أوباما مثلها، ليس في سنته الأولى وحسب، بل ربما في كل فترتيه الرئاسيتين، ومع ذلك ما زال الإعلام يهاجم ترمب بشراسة، ويتجاهل كل ذلك، في الوقت الذي كان صامتاً، أو ينتقد، على استحياء، إخفاقات أوباما المتتالية داخلياً وخارجياً، ما يعني أن القصة لا علاقة لها بنجاح أوباما وفشل ترمب، فالعكس هو الصحيح، وإنما يتعلّق الأمر بمعطيات، تحدثنا عنها بالتفصيل في المقالين الماضيين، والخلاصة هي أن الإعلام الأمريكي شرس، وبإمكانه قلب الحقائق، وما تعامله مع أوباما وترمب إلا مثال صارخ لذلك!