حمد بن خليفة، وهو الأمير السابق ووالد أمير قطر (المعلن)، وهو من يدير قطر، ويتحكم في كل تفاصيل السلطة فيها. ومن أهم السلطات التي يباشرها الإشراف على قناة الجزيرة، التي هي القوة الوحيدة التي تملكها تلك الإمارة الصغيرة التي أصبحت الآن جزيرة، وسببت لها ولأهلها ما يمرون به من مقاطعة نتج عنها عزلة حقيقية، جعلت أهل قطر يتساءلون: ثم ماذا؟.. وتبقى أسئلتهم بلا إجابة، فالأمير الوالد السابق أو المعزول كان يظن أن لديه قوة ناعمة كاسحة، يستطيع أن يوجهها إلى من استهدفه، لتفعل فيه الأفاعيل. هذه القوة الناعمة تتمثل في قناة الجزيرة، التي أنفق عليها القطريون بسخاء، لكنها الآن لم تعد مؤثرة كما كانت، فالمنافسة أصبحت تأتيها من كل حدب وصوب، من داخل العالم العربي ومن خارجه، الأمر الذي جعل أغلب المشاهدين العرب يتنقلون بين تلك القنوات، ليسمعوا فعلا لا قولا (الرأي والرأي الآخر) ويكتشفون بأنفسهم الحقيقة، التي كانت في السابق محصورة في هذه القناة. ياسر أبوهلالة كان يعمل لسنوات مديرا لهذه القناة، وقد قام في الآونة الأخيرة بإنتاج كثير من الأفلام الوثائقية الموجهة لدول المقاطعة، كان أشهرها (ما خفي أعظم)، إلا أن هذا الفيلم بأجزائه الثلاثة مر على المشاهد مرور الكرام، ولم يحدث الأثر المطلوب، وكان حمد يعول عليه كثيرا، وأعطى أبوهلالة ميزانية مفتوحة لإنتاج الفلم مهما بلغت التكاليف، إلا أن الابتزاز الإعلامي الذي كان من أهم مساهمات دويلة قطر (الإيذائية) في سياساتها التي حققت لها بعض النجاح، لم يعد كذلك الآن، فقد ظهر جليا فشل الابتزاز والابتزازيين، والسبب الجوهري أننا اليوم في عهد رجل يسمى سلمان بن عبدالعزير، ومعه فارس لم تهزم له راية قط منذ استلم السلطة، وهو عضيده و ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، هذان القائدان هما من ضربا الأمثال تلو الأمثال في الشجاعة والإقدام، وتاريخهما أنقى من الثوب الناصع البياض، فليس ثمة ما يخافا منه ليخضعا للابتزاز، لذلك (أفلس) حمد، وأفلس سلاحه الابتزازي قناة الجزيرة، وأصبحت حملاتهم الكيدية المحمومة، مجرد زوبعات في فنجال. فشل حمد بن خليفة في أن ينال من المملكة والمتحالفين معها، جعله يصب جام غضبه على مدير القناة ياسر أبوهلالة، فضلا عن أن منافسين لأبوهلالة استغلوا الغضب الحمدي العارم، وألقوا باللوم عليه، فقام حمد بطرده، وألقى سبب تراجع القناة عليه، لا على الظروف التي تغيرت. وللأمانة أقول رغم أني أختلف مع هذا المتأخون في كل شيء تقريبا: لا يلام أبوهلالة، كما أن من جاء بعده سيكون مآله حتما إلى الفشل. قناة الجزيرة في السابق، وكما أشرت إليه في مقال سابق، كانت كمنصة إعلامية إخبارية، هي الأكثر احترافا في زمنها، إذا ما قارناها بمنافساتها التي كانت موجودة آنذاك، لذلك استقطبت المتلقي العربي، وأصبح ما تروجه من أخبار، أو تحريض، يلقى آذانا صاغية، أما الآن فليس الأمر كما كان قبلا، أضف إلى ذلك أن فشل الثورات العربية، والنهايات الدموية التي مرت بها الدول التي اشتعلت فيها تلك الثورات وتبنيها من قبل هذه القناة، والدمار الذي اكتنفها، والأهوال التي نتجت عنها، أعطت المتابع العربي ما يشبه الحصانة من الاستجابة لتلك القناة، الأمر الذي (عراها) ، وجعل تأثيرها كقوة ناعمة لقطر، ليس كما كان في الماضي، أضف إلى ذلك ما ردده أبوهلالة لأصدقائه، أن حمد (متفرغ) لإدارة القناة، ويتدخل في أغلب التفاصيل، وهو غير محترف، فقد كان هاتف أبوهلالة لا يهدأ، يطلب منه حمد أن ينشر هذا ويسكت عن ذاك، وبالذات في ترتيب نشرات الأخبار، الأمر الذي جعل بعض تعليقاتها وتحليلاتها مثيرة للضحك والسخرية. وهناك مقولة منتشرة بين الإعلاميين تقول: بإمكانك أن تنجح لو بنيت منصة إعلامية جديدة، أكثر من نجاحك أن تعيد ترميم قناة فقدت صدقيتها وثقة الناس بها. إلى اللقاء