بعد النزاعات الحادة مع إيران تم رفع التهديد على الطاولة، للحد من الهيمنة الإيرانية والمساعي العدوانية، وتم إرغام روحاني على إيقاف الفوضى التي أحدثها في العالم، في حين لم تحافظ طهران على المسافة بينها وبين المخاطر ولم يقرّوا بذلك. لذا، لن يطول الانتظار كثيراً من القوى العظمى بمساندة الديكتاتوريين وتركهم دون رادع، عقب التجاوزات وزرع الفوضى وزعزعة الاستقرار في المنطقة أعطى السياسيين الغربيين الحق في إطلاق إنذار دقيق لإيقاف الانتهاكات. فالمسألة لم تعد مسألة اختيار أو تبادل اتهامات عبر المنابر الإعلامية. بل هي أسوأ مما تخيل معظمنا، فقد ضلت إيران طريقها وعليها مواجهة مصيرها وتسليم نصوص كتبهم التي كتبوها بدماء الشعوب العربية رغماً عنهم، فالقصة الحقيقية بدأت بالظهور وبدأت معها مناقشة غير مألوفة، دفعت إلى الشك بأن هناك نشاطات سرية تخفي حقائق نووية تشكّل تهديداً. لا عجب إن قلنا قيمة الخسارة كبيرة على روحاني وحكومته، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وفرض عقوبات اقتصادية ضد طهران وبهذا القرار سيشمل عقوبات ضد 400 شركة إيرانية. شكل هذا الأمر كارثة للشركات العالمية المرتبطة بمصالح تجارية مع إيران على نطاق واسع، وهو أمر بالغ الأهمية، ولكن هذه هي إيران تقوم مقام السيد على الخير والشر بكذبها وخداعها وفي الحالتين من يتبعها أو يتعامل معها خاسر، باعتبارها عالماً عالي الاضطراب يزداد تناقضاً كل يوم. لماذا أضلوا جميعاً طريقهم ملالي إيران وحلفاؤهم؟ فالشر غالباً ما تجده ينحني خوفاً من العقوبات الاقتصادية والنهايات المأساوية بعد تنفيذها وسيعود إليهم صوابهم ولكن بعد فوات الأوان، والرئيس الأميركي سيقلب الطاولة بكل ما عليها من ملفات. بعدما قال: « على إيران الخضوع للتفاوض أو أمر ما سيحدث». كانت هناك شروط معروفة للتعامل مع الأصدقاء والأنداد حين تُثار الأزمات السياسية، قبل أن تظهر ملامحها الغليظة ووجه إيران القبيح لا يعبأه بمظهره الخارجي، وتفتقر لأسباب التطور واستشراف المستقبل، دولة عاجزة عن صنع الاستقرار والسلم مع جميع دول العالم، وقال الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى أميركا: «الاتفاق النووي مكّن إيران من التوسع العدواني في المنطقة». حتى أوروبا تورَّطت معها بسبب مصالحها التجارية فتعمل على إنعاش الاتفاق بعد تعرضه لأزمة حادة، حرصاً على مصير الشركات الكبرى وخسارتها من العقوبات المفروضة، وتعمل على إرساء مزيد من التوازن السياسي في المنطقة والبقاء على الاتفاق. ومن نافلة القول إن الاتفاق النووي كان يدفع نحو مزيد من الإرهاب والدمار في المنطقة، والمشهد يتكرر في العراق وسوريا فأصبحت أرضاً خطيرة وملاذاً لمليشياتها، عادة في هذه الاحتمالات بين الحرب والحوار والتفاوض من أجل السلام تبقى مساحة شاسعة مقفرة ومظلمة رغم التحذيرات.