في 4 أبريل من الشهر الجاري احتفل العالم بذكرى مرور نصف قرن على رحيل داعية الحقوق المدنية الأمريكية الشهير، والحاصل على جائزة نوبل للسلام د. مارتن لوثر كينج الذي اغتيل على يد متطرف أبيض. وبعد مرور50 عاماً على وفاة كينغ، تناقلت وسائل إعلام هتافات حفيدته الطفلة يولاندا كينغ ذات التسعة أعوام في مظاهرة حاشدة، نظمتها حركة «مسيرة من أجل حياتنا» التي شكلها طلاب بعد إطلاق نار جديدة داخل مدرسة في فلوريدا، مستلهمة مقدمة خطاب جدها: «لدي حلم، طفح الكيل، يجب ألا يكون هناك أسلحة في هذا العالم». الجدير بالذكر أنه في نهاية شهر يوليو 2008 اعتمد مجلس النواب الأمريكي أول اعتذار رسمي من الحكومة الفيدرالية، عن مرحلة العبودية ووحشيتها والظلم الفاحش الذي لحق بالسود أثناءها ولعدة قرون، حيث أشار نص الاعتذار إلى أن المجلس «يقدم اعتذارا للسود الأمريكيين باسم شعب الولاياتالمتحدة عن الأذى الذي تعرضوا له.. وعلى ما عاناه أجدادهم من عبودية وما تعرض له السود من قوانين الفصل العنصري المعروفة باسم «قانون جيم كرو». وأكد البرلمانيون أيضاً تعهدهم بالعمل على تصحيح «الآثار المتبقية» للعبودية والفصل العنصري. وقد أعرب الرئيس السابق بيل كلينتون في حينه عن «أسفه» لدور الولاياتالمتحدة في ممارسة العبودية، كما وصفها الرئيس السابق جورج بوش «بأنها من أكبر الجرائم في التاريخ». وفقا للمصادر التاريخية فإن أول دفعة من العبيد الأفارقة دخلت أمريكا سنة 1619، وعلى مدى قرون لم تتوقف تجارة العبيد الذين تم اختطاف الملايين منهم عنوة من أراضيهم الأصلية في القارة الأفريقية، كما وتعرض مئات الآلاف منهم للهلاك في الطريق أو بعد وصولهم إلى القارة الأمريكية، بفعل المعاملة القاسية والأعمال الشاقة والمجاعة والأمراض. استمرت العبودية لعدة قرون إلى أن ألغيت رسميا في عهد الرئيس الأمريكي إبراهام لينكولن، الذي يعتبر أول زعيم في التاريخ وضع حداً للعبودية الممقوتة، وذلك إثر الحرب الأهلية (1861- 1865) الطاحنة بين الشمال من جهة والجنوب الذي أعلن انفصاله عن الحكومة المركزية إثر قرار إلغاء العبودية من جهة أخرى، وقد خلفت تلك الحرب أكثر من 970.000 قتيل وهو ما يعادل 3% من مجموع السكان آنذاك ومن بينهم 620.000 جندي، وقد اغتيل إبراهام لينكولن بعد شهور من انتهاء الحرب على يد رجل أبيض انتقاماً من مواقفه التحررية والمناهضة للعبودية، غير أن سياسة التمييز والفصل العنصري بين البيض والسود في الأماكن العامة، والمعروفة بقوانين «جيم كرو» نسبة إلى حاكم ألباما السابق استمرت على مدى عشرات السنين في بعض الولايات الشمالية وغالبية الولايات الجنوبية، إلى أن ألغيت رسميا عام 1964 واستبدلت بقانون الحقوق المدنية «سيفيل رايتس آكت» الذي يحظر أي شكل من أشكال التفرقة العنصرية في الأماكن العامة والعمل، وتم ذلك بفضل نضال السود من خلال الحركة المدنية المناهضة للعنصرية التي قادها منذ مطلع الستينيات الزعيم الزنجي البارز مارتن لوثر كينج، غير أن العديد من المنظمات العنصرية، استمرت في النشاط وممارسة جرائمها العنصرية ضد السود والملونين، ومن أبرزها منظمة «كوكلس كلان» التي تشكلت من قبل المحاربين القدامى في الجيش الكونفدرالي (الجنوبي) في عام 1866 أي بعد انقضاء عام على انتهاء الحرب الأهلية الأمريكية، وكان في مقدمة أهداف تلك المنظمة مقاومة إعادة التأسيس (الاتحادي)، ومعارضة تحرير العبيد التي حدثت عقب الحرب الأهلية الأمريكية. انتهجت تلك المنظمة العنصرية أساليب عمل عنيفة ضد السود بما في ذلك تنفيذ عمليات الإعدام بحقهم، وقد وصل نفوذ تلك المنظمة ذروته في عام 1926 حيث قدر عدد أعضائها في ذلك العام بنحو ستة ملايين عضو، غير أن نفوذها أخذ في التراجع في ما بعد، وقدر عدد أعضائها في عام 2006 بحوالى خمسة آلاف عضو. وفي الأول من ديسمبر 1955 رفضت امرأة سوداء تدعى روزا باركس ان تتخلى عن مقعدها في إحدى الباصات لرجل أبيض فاعتقلتها الشرطة. اجتمعت كافة الحركات المناهضة للتمييز العنصري في المدينة في اليوم نفسه وانتخب أعضاؤها بالإجماع مارتن لوثر كينغ رئيسا لتجمعهم الذي أطلقوا عليه اسم «جمعية تطوير مونتغومري»، وقرروا رفع الدعوى لإثبات عدم دستورية قوانين التمييز العنصري في الباصات. للحديث صلة