تظهر أهمية القرارات السياسية السعودية أواخر2017 والتي فتحت المجال أمام المرأة للمشاركة الاجتماعية والثقافية والرياضية فعليا في أنها كسرت هوة الاغتراب النفسي والمعرفي والإنساني بين المرأة والرجل في بلادي وستوجد مع الأيام المقبلة نمطا ثقافيا معرفيا راقيا للتكامل الإنساني والفكري اجتماعيا مما سيؤدي إلى كسر شوكة المد الصحوي الذي تمادى في السيطرة على المناخ الثقافي والنتاج الفكري بشكل خاص وتشويه المنابر الفكرية طويلا بالحضور الرقابي الخطابي ومصادرة طمأنينة التلقي التي تحتاجها المؤسسة الثقافية عادة لتوسيع مشاركتها والانفتاح في أنشطتها والسعي إلى تنويعها. لاشك في أن تحجيم صلاحيات المتطرفين دينيا أسهم في توفير مناخ صحي للانطلاق بالثقافة إلى مآربها الفكرية المأمولة. مع التأكيد بأن ذلك الأمر لايعني بأن الثقافة السعودية لم تتنام إلا بعد تحجيم الصحويين لأن الثقافة السعودية استمرت في كفاحها ضد موجة التطرف مبكرا على يد المثقفين السعوديين أنفسهم وليس بمساعدة المؤسسات الثقافية ولكنهم تعرضوا إلى كثير من الهجوم الذي ظل يقاوم التخلف الصحوي حتى تحقق له الهدف ويعود فضل ذلك إلى المفكر والمثقف السعودي بالدرجة الأولى فهو الذي تمتع بروح المقاومة ضد تيار التطرف وتصدى له ومن خلال مؤلفاته ومقالاته ورؤاه ونقد منها ما ليس بصحي ولا هو مقبول ثقافيا وإنسانيا. ومن ثمرات ذلك مانلحظه الآن من انتشار للمنابر التي تهتم بالفلسفة التي كان الحوار حولها شبه منعدم في المؤسسات الثقافية والفكرية السعودية. فكثر المتحدثون فيها وحولها حتى انجذب إليها كثير من الجمهور السعودي وذلك الحوار سيغير في سمات الوعي العام مستقبلا ليعيد ترتيب مرجعياته الفكرية والثقافية والإنسانية. وهو الأهم. ولايفوتني أن أنوه بالدور العظيم لوسائل التواصل الاجتماعي وتحول كثير من المنابر إلى منصات إعلامية معرفية تسلط الضوء على الفعاليات ومناسباتها الثقافية بكل صنوفها. فليس بجديد أن تقام الأنشطة الثقافية بشكل خاص وهذا حاصل منذ عقود لكن الجديد هو اهتمام الإعلام بها ومتابعته لها وهذا في الغالب. لأنها تجاوزت خشيتها من الرقيب الصحوي الذي كان له الحق والسلطة عليها سابقا.