وصفت الشاعرة والكاتبة هدى الدغفق الذين يعوقون تقدم المرأة الكاتبة في الأندية الأدبية ب«الأنصاف الذكورية»، موضحة أن محاولة تقليص «تلك الأنصاف الذكورية من الفرص الممنوحة للمثقفة في إدارة المؤسسة الأدبية»، أخذت أشكالاً متعددة «مثل تهميش اقتراحاتها أو تجاهل قراراتها، أو إيذائها لفظياً وسلوكياً، وربما أساء بعضهم إليها متجاوزاً بسلوكه غير المسؤول أخلاقيات الثقافة وإنسانية الفكر المناهض للجندر». وقالت في ورقة عنوانها «إدارة الثقافة من الفرد إلى المجتمع من واقع تجربة شخصية» قدمتها مساء أمس (الأربعاء) في نادي الرياض الأدبي بمناسبة الاحتفال بمرور 40 عاماً على انطلاقته: «ربما كان ما يختلق الجدل غالباً هو محاولة بعض المنتمين إلى الواقع الثقافي ترسيخ الثقافة التقليدية اجتماعياً وتصعيدها، مستغلاً بذلك الرحابة التي عادة ما يتطلبها أي جدل يدار حول الفكر الحر وأخلاقيات الحوار من مرونة وقابلية وحياد». واستعرضت الدغفق تجربتها في نادي الرياض الأدبي، والتي تأكد لها من خلالها أن «ما تعيشه المثقفة السعودية في الأندية الأدبية من واقع مؤسف ما زال يؤرخ لمحدودية دورها الذي لا يتماشى وطموحاتها الثقافية، وما تأمل القيام به من أدوار على كافة الأصعدة، وفي شتى المجالات الفكرية الممكنة». وفي رأيها أن الداء الثقافي لم يكمن في لائحة صدرت أو نظام صيغ، «بل في مدى امتثال بعض مسؤولي تلك المؤسسات الثقافية، ومدى جديتهم في تمثيلهم للأدوار التي تقتضيها تلك اللوائح، فمنهم من تحايل على أمر تمكين المثقفة من صنع القرار، وانشغل بمحاولاته تهميش أي دور تقوم به، وتفنن في ابتكار واستحداث أساليب من التطفيش المبطنة التي استجابت لها بعض المثقفات، إذ سبق أن استوعبت صورة ذلك التهميش اجتماعياً، اعتقاداً منها بأن المناخ الثقافي لا يختلف عن المناخ الاجتماعي، من ناحية معاملة ذكورة السلطوية الأبوية مع المرأة، واضطرت تلك المواقف بعض المثقفات وأكرهتهن ليسجلن انسحابهن السريع واستقالاتهن، مصدومات متفاجئات بمواقف بعض زملائهن المثقفين. ومنهن من رفضت إدارة يمارسها أنصاف مثقفين تولوا المؤسسة الثقافية، وعبّرت عن عدم رضاها بالانسحاب أو بالسكوت عن استلاب حقوق العقول المؤنثة، ومنهن من دعاها ذلك الاستلاب أن تقف بالمرصاد لمن ينتقص من مشروعية إدارتها الثقافية». ولم تلقِ هدى الدغفق باللوم على المثقف وحده، «فبعض اللوم يقع على المثقفة التي لم تستطع بعد التخلص من بعض عواطفها الشخصية، التي لم تزل تسيّر وعيها وتؤثر فيه تأثيراً سلبياً، ولربما استعانت بحشود غيرتها ونديتها وجنوستها لتقف في الجهة المضادة، مناهضة لمثقفة أخرى تشاركها الهم الثقافي اسماً لا سلوكاً». وقالت إن بعض المسؤولين الثقافيين ربما عاش «صراعاً بين موقفه التقليدي من المرأة، وما يتطلبه السلوك الثقافي من موقف حضاري إزاء المرأة، ولم يستطع أن يتحرر من تقليديته، وبقي على نمطيته التي لا تتناسب ومدنية الوعي وإنسانيته»، مشيرة إلى أنها ليست مع تخلي المثقفة العضو عن مسؤولية خدمة الوعي والتنوير صناعةً وتلقياً، «ولست مع تهاونها في نيل حقوق شراكتها التي منحتها إياها وزارة الثقافة والإعلام السعودية. وربما تتقاسم المعوقات التي تحول من دون تحقيق المرأة طموحها الثقافي لعوامل أخرى، منها ما يعزى إلى المثقف، وبعضها يرجع إلى ضيق نفس المثقفة وقلة تحملها لوصاية بعض مسؤولي تلك المؤسسات عليها، ومن ثم تنحيها عن القيام بأي دور ثقافي». وأكدت الدغفق أن المثقف ما يزال «يحظى بصناعة القرار في المؤسسة الثقافية من دون المثقفة. وقلما يبدي حرصه على مشاركة المرأة، واجتذابها للإسهام ببعض الأدوار الثقافية والفكرية، التي تعزز من مكانتها الفكرية والأدبية في المؤسسة الثقافة بمنطقتها». واعتبرت انسحاب كثير من المثقفات واستقالاتهن «مؤشراً سلبياً على ضعف إرادة المثقفة في إدارة العمل الثقافي، وهو مؤشر لا ينصب في المصلحة الثقافية التي ينبغي أن تضطلع بها المرأة. إذ لم تثبت جدارة كافية في ما أسند إليها من مسؤوليات توعوية، ولم تتمسك به لتثبت قيمة ما تثمره في المجتمع من نتائج متوخاة تشجع على الثقة باقتدارها وتمكينها ثقافيا.