أعلنت مؤسسة التقاعد استراتيجية جديدة تتبناها، تتضمن العديد من ملامح التطوير للمؤسسة وأدائها، ولكن تلك تفاصيل تعنيها وأهل الاختصاص والاهتمام؛ ليبقى السؤال بالنسبة للمستفيد النهائي: ما الجديد الذي تعد به المؤسسة بالنسبة للمتقاعد؟ تهدف رؤية 2030 إلى تقليص حجم الوظائف الحكومية، أو السعي نحو إتاحة الفرصة لخروج الموظفين القدماء لصالح توظيف أجيال جديدة مكانهم. وباعتبار استراتيجية مؤسسة التقاعد ومثلها مؤسسة التأمينات الاجتماعية يجب أن تتسق مع توجهات الرؤية الوطنية أعيد طرح مقترحين لزيادة مرونة الخروج من الوظيفة الحكومية مبكرًا: الأول يتعلق بنظام تبادل المنافع بين أنظمة التقاعد المختلفة. حسب شروط التقاعد، وكما يشير النص على موقع التأمينات الاجتماعية إلى أنه «لا تكون مدد الاشتراك المضمومة مددًا مكملة لاستحقاق المعاش قبل بلوغ سن الستين في النظام الأخير، وإنما يلزم على المشترك إكمال المدة التي يتطلبها النظام الأخير».. فالسؤال هو: لماذا لا يكون تبادل المنافع مفتوحًا بدون تقييد؟ لماذا لا تحسب مدد الاشتراك ضمن المدد المكملة للخدمة المستحقة لمعاش التقاعد، سواء مبكرًا أو غير مبكر، بغض النظر عن العمر، وإن كانت قبل الستين أو بعده؟ عدم احتساب تلك المدة لمن لم يبلغ الستين يجبر الموظف على العمل حتى الستين بدلاً من الخمسين إذا كانت لديه خدمة عشر سنوات في نظام تقاعدي آخر أو عند الخامسة والخمسين في حال خدم خمس سنوات في نظام تقاعدي آخر. لقد تم إزالة شرط تقديم طلب ضم المدد خلال سنتين من تاريخ ترك نظام إلى آخر، وهذا أمر جيد؛ لذا نأمل إزالة شرط الاستفادة من ضم المدد في التقاعد المبكر السابق لسن الستين طالما كان مجموع مدد الخدمة في مجموع الأنظمة التقاعدية 300 شهر (بالنسبة للتأمينات كمثال)؛ فيجب أن يستحق التقاعد، وليس شرطًا أن تكون ضمن النظام الأخير. مع ملاحظة أن وظائف حكومية كثيرة تتحول لنظام التأمينات الاجتماعية، منها وظائف الهيئات ووزارة الصحة وقريبًا التعليم، ومجرد نقلهم من نظام التقاعد للتأمينات الاجتماعية ليس ذا قيمة مادية في مجال تخفيض الوظائف، بل إنه قد يزيد تكاليفها على الدولة ما لم يدعم ببرامج تسهم في خروج المزيد من الموظفين من الوظيفة الحكومية. المقترح الثاني يتعلق بشراء المدد التقاعدية. وقد أعجبني قرار دولة البحرين بتقديم مكافأة 5 سنوات افتراضية (رسوم تقاعد على خدمة افتراضية) لمن قضى 15 سنة فعلية في الخدمة للراغبين في التقاعد المبكر؛ بهدف دفع المزيد من موظفي الدولة للخروج من الوظيفة الحكومية. لدينا الاشتراك الاختياري، ويبلغ 18 % من الراتب الافتراضي، وهو مبلغ كبير على الفرد دفعه على مدى سنوات. ولكن في حال ساهمت الدولة في دفع رسوم الاشتراك عن الموظف - على الأقل نسبة ال9 % - ويسرت شروط الاشتراك الاختياري، سيكون هناك تشجيع أكبر على التقاعد المبكر، وسيسهل تحصيل النسبة بخصم نسبة اشتراك الشخص من معاشه التقاعدي. الجهات المعنية بإمكانها التعرف على حجم الشريحة المستهدفة من ذلك، وستجد أن الفائدة على المدى المستقبلي إيجابية جدًّا، تضيق مساحة المقال عن شرحها..