تتحلق أبخرة القهوة.. على خطوطها متاهات كما التي تعتري فضاءات النفس.. الفضول محض رغبة، ما الذي تقول هذه الذائقة لآخر رشفة للتو تركت بقاياها في اللسان؟!.. كما الذي يُسائل عنه ذلك المكنون في المخيلة عما وراء أكمات الجبال؟!.. في الطريق الزراعي ذات رحلة، الجواميس كانت تذرع الحقول، وكلاب الحراسة تهاجم العربة قبل أن تستقر.. أذكرُ، كانت هناك متاهات ضربت لهاثاً إلى أعماق غاباتها الكثيفة مخيلةٌ مفعمةٌ بالأسئلة، وبالصور، تجوَّلَتْ طويلاً.. أتبقى الحقول خضراء يافعة متى ما ماتت الجواميس؟!.. وهربت الكلاب من متعقبيها بالحصى؟!.. لا حقل بلا فزاعات، ولا أخضر لا تتردد عليه أسراب الجراد حين يحل موسمها، وتنطلق من مكامنها.. النحل يجد مكانه المأنوس بين أغصانه، لكن الفزاعات لا تُنصب له..؟ أيمكن أن يجمِّد إنسانٌ جسده عند مقدمة الحقول ليكون الفزاعة تحرسها من سطوة المخربين؟! أبخرة القهوة تسطو كثيراً على المخيلة!!.. بينا لا فزاعة تحميها من أسراب الأسئلة المنبثقة عن سحائبها الكثيفة.. والفضاء مختصرٌ في سحابة مكتظة للتو انبثقت من زفير فنجال القهوة الساخن كما الطقس المنذر بصيف حارق لاهب!!..