رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أهاب بالمجتمع الدولي، خاصة العربي، لمساعدة العراق في بناء ما أحدثته الحروب المتلاحقة في العراق من دمار وخراب على مستوى البشر أولا والحجر ثانيا. طبعا دول الخليج كانت في مقدمة المانحين، أما إيران الملالي فلم تلتزم بدفع دولار واحد. ولم أستغرب هذا العزوف الإيراني إطلاقا، بل كان متوقعا. ففي تقديري أن أهم عقدتين تقفان في وجه أعمار العراق ومساندة العراقيين هما الفساد المالي والإداري، والنفوذ الأخطبوطي الإيراني الذي لن يرضيه، وليس في مصلحة ملاليه، أن يرى العراق مستقرا و مستقلا عن نفوذهم. هاتان العقبتان هما أهم العقبات العويصة التي لا أرى أن حلها سهلا على المدى القريب والمتوسط مالم يسقط نظام الملالي في ايران، وهو -بالمناسبة- أمر محتمل، كما أن هاتين العقبتين مرتبطتان ارتباطا وثيقا ببعضهما؛ فالإيرانيون منذ أن منحهم الرئيس الأمريكي الآفل باراك أوباما العراق على طبق من ذهب، ودَعَمه لص بغداد الشهير نوري المالكي ليتولى رئاسة الوزراء، وهم يسعون بجهود حثيثة إلى تمكين عملائهم من السيطرة على مفاصل السلطة في العراق، وإتاحة الفرصة لهم للإثراء غير المشروع على يد اللص نوري المالكي، ليتمكنوا بالمال الحرام من شراء الولاءات والذمم، وتكوين الميليشيات الموالية للولي الفقيه في طهران. لذلك كان رئيس الوزراء العراقي السابق، وبأوامر من الولي الفقيه في طهران، يهمه ألا يفوز بالمناصب في السلطات الثلاث البرلمانية والحكومية والقضائية إلا الفاسدون؛ فقد كان هذا الرجل واحدا من أهم الأسباب والبواعث التي جعلت العراق يأتي كواحدة من أفسد خمس دول في العالم حسب قوائم منظمة الشفافية الدولية. والإيرانيون ومعهم الأحزاب السياسية المتأسلمة التي اصطنعتها إيران، وقفت بكل قوة في وجه كل من يحاول تحرير العراق من نير الاحتلال الإيراني، لأن الأحزاب الدينية، لا يؤمنون باستقلال الأوطان، وأنما يضعون الولاء للمذهب، أو للحركة الدينية الأيديولوجية قبل الولاء للأوطان وسيادتها. هذا إضافة إلى أن الفساد حسب ما اتضح لاحقا على الأرض، وبعد سيطرة الأحزاب الدينية، مرتبط بالفساد ارتباط الكف بالساعد، ولأن الإنسان العربي عموما، والإنسان العراقي خصوصا، ما زال يثق في رجال الدين، ومنخدعا بهم، وبما يقولون، فإن محاربة الفساد في العراق التي يقول العبادي إنه سينبري لها ستكون في غاية الصعوبة، بل هي أصعب وبمراحل منلحرب على داعش التي انتصر عليها. وأنا أرى أن الخطوة الأولى لإعادة إعمار العراق، واستقطاب المستثمرين لبناء العراق الجديد سيكون مهمة شبه مستحيلة، إذا لم تكن مستحيلة بالفعل، في ظل نفوذ إيران في الداخل العراقي، ولا أعتقد أن مستثمرا عاقلا سيقدم على الاستثمار في هذه البقعة من العالم، في ظل قضاء فاسد وبرلمان يسيطر عليه الفاسدون وحكومة مكبلة بواقع سياسي تحكمه الميليشيات المتأسلمة الإيرانية. نعم هناك فرص مغرية للاستثمار في العراق، ربما قل أن تجدها في غيرها من دول العالم، غير أن هذا الاستثمار في ظل النفوذ الإيراني المهيمن على السلطات الحاكمة هناك، أشبه ما يكون بمن يزرع قمحا في أرض مليئة بجحور الأفاعي. لذلك أقول للدولة الجارة العراق بصدق: من العبث أن تطلبوا مستثمرا أجنبيا لأن يأتي ويستثمر في بلادكم في ظل سيطرة الفساد والفاسدين الذين زرعتهم إيران في العراق، حرروا أنفسكم من الاحتلال الإيراني والعمائم السوداء والبيضاء، كما حررتم بلادكم من داعش، ثم فكروا في إعمار ما خربته الحروب. إلى اللقاء