تكبدت العملة الرقمية «البتكوين» خسائر حادة خلال الأسبوع الماضي، وأكد اقتصاديون ل»الجزيرة» أن أسباب انهيارها تعود لضعف الرقابة من الجهات التنظيمية في بعض الدول، وسط مخاوف من تضييق الخناق في دول أخرى عليها، وتزايد قلق المستثمرين من قرب انفجار فقاعتها، وقالوا إن العملة تمثل دولة، وهي قيمة لمعيار القوة الاقتصادية التي تتملكها الدولة، وضعف أو قوة العملة هو مؤشر ضعف أو قوة الاقتصاد، حالياً كل العملات مقاومة بالدولار أو بما يعادلها بالدولار، ولكن «البتكوين» كعملة رقمية تعامل بما يعادلها بالدولار، ولكن لا يوجد أي أصول ل«البتكوين». وأوضح الاقتصاديون أن من إسباب ارتفاع «البتكوين» لهذه الإرقام العالية جهل الناس وندرة العرض الموجود، مؤكدين أن الشخص الذي اخترع «البتكوين» كان عارضاً للعديد منها، وربما باع الموجودات التي يملكها. وهذه قد تكون أسباب انخفاض العملة الرقمية. وأوضح الاقتصاديون أن هذه العملة ليس لها أي تشريعات حتى الآن، وأصبحت أداة لطلب الجزية سواءً من إرهابيين أو هكر، وأصبحت عملة مرتبطة بالأعمال الإرهابية والإجرامية. وأكدوا أن مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» أبلغت البنوك بعدم التعامل والاعتراف ب«البتكوين» كعملة، ومن المؤسف أن العملة صعدت كالصاروخ من 1000 دولار إلى 20 الف دولار مما جعل الناس يقعون ضحايا لهذه الفقاعة، وقال الاقتصادي فيصل الدوخي إن «البتكوين» تكبدت خسائر حادة خلال الأسبوع الماضي، وسجلت الأدنى 9850$، وكانت قد وصلت قبل شهر لأكثر من 20 ألف دولار، وهي فقاعة كانت متوقعة، حتى أن الذين يتعاملون بها والمتعاطفين معها غير مصدقين أن تصل «البتكوين» لأسعار ال15 ألف دولار، ثم نجد هناك من يقوم بالشراء بأسعارها الحالية حتى أننا وقفنا على بعضهم باع ما يملك ليلحق بأسعارها الحالية ظناً منه أنه سيبيع لاحقاً بسعر 100 ألف دولار بل وجدنا هناك من يتوقع أن تصل «البتكوين» لسعر مليون دولار. وأضاف: للأسف ما زال البعض يبحث عن الثراء السريع ولم يستفد من أخطاء الماضي والانهيارات التي صاحبت الأسواق بسبب المبالغة في التوقعات من صغار المستثمرين، حيث يُلاحظ شركات تداول «البتكوين» يستقصدون الخليجيين والعرب عند إعلاناتهم في برامج التواصل الاجتماعي. ولو شخّصنا أسباب ذلك لوجدنا أن الخطأ مشترك من المتداول نفسه ومن البنوك المركزية، فالمتداول كان عليه أن يكون على وعي ولا ينجرف خلف هذه اللعب، ويستفيد من أخطاء الماضي ولا يلحق بشراء عملة بالأسعار العالية، أما البنوك المركزية فتتحمل المسؤولية أيضاً، فكان عليها أن تقوم بمسؤولياتها وتحذر من تلك الشركات. وتابع الدوخي: كوريا الجنوبية أصدرت قراراً بحظر التعامل مع هذه العملية وإيقافها، وهناك دول أخرى ستتخذ القرار نفسه قريباً، وهذا بلاشك من أسباب انهيار العملة ولكن للأسف جاءت تلك الإجراءات متأخرة بعد أن وصلت خسائر «البتكوين» خلال 5 أيام عمل 250 مليار دولار أي ما يعادل 937 مليار ريال. من جهته قال الاقتصادي هشام الوليعي: «البتكوين» وبقية العملات الرقمية تصنف بأنها عالية المخاطر، فهي لا تخضع لجهة تشريعية وتنظيمية ولا تتبع لبنوك مركزية بل إن البنوك المركزية ترفض الاعتراف بها وتحذر من التعامل بها، وقد حذرت ساما من التعامل بها وتداولها. من المخاطر الجوهرية أن «البتكوين» مجهولة المصدر وتسعى جهات دولية لمحاربتها لاستخداماتها لأغراض غير قانونية ووسيلة للمراهنة والمضاربة، فالصينوكوريا الجنوبية تم حظر الطرح الأولي للعملات الرقمية وتشديد الرقابة على تداولها وتعدينها، الصين أيضاً قامت بالتضييق على تداول «البتكوين» وتستهدف منصات التداول لإغلاقها وحظر الدخول لها، وأيضاً تسعى لإيقاف تعدين «البتكوين» (أي صناعة العملة)، وهذا خطر يهدد متداولي العملات الرقمية وخاصة «البتكوين»، حيث تعد الصين السوق الأنشط باستحوذها على نحو70% من تعدين وتداول «البتكوين» لأسباب عديدة كغسل الأموال وتهرباً من الضرائب وتهريب النقد خارح الدولة بسهولة وبلا رقابة. أيضاً من المخاطر الفعلية سهولة قرصنة منصات تداول «البتكوين» ففي اليابان تعرضت منصة »إم تي جوكس» للقرصنة التي كانت أكبر بورصة ل«البتكوين» في العالم وأعلنت إفلاسها في 2014، بعد تعرضها لاختراق وسرقة 850 ألف «بتكوين» مملوكة لعملائها. وأعلنت بورصة «Youbit» للعملات الرقمية بكوريا الجنوبية الشهر الماضي توقفها وإفلاسها، بعد تعرضها للقرصنة للمرة الثانية وتم تخفيض أصول العملاء ل75% من قيمتها. وحالياً تدير منصة «Bitfinex» نصف إجمالي «البتكوين» المتداول، وإذا ما تعرضت لأي قرصنة إلكترونية فسيكون أثره سيئاً على سعر «البتكوين» وقد ينهار بشكل حاد.