يرى محللون أن ظاهرة العملات الرقمية لن تزول بسرعة على رغم أسبوع حافل بحوادث شملت عملية قرصنة أدت الى سرقة 530 مليون دولار وحظر على «فايسبوك»، وفرض ضوابط حتى في روسيا، إضافة الى تقلبات كبيرة في أسعار الصرف. يقول مسؤول المداولات في آسيا والمحيط الهادئ لدى «او ايه ان دي ايه» للصيرفة ستيفن اينيس في تصريح الى وكالة «فرانس برس»، إن العملات الرقمية «انهارت مرات عدة لكنها عادت دائماً الى النهوض»، ولو أنها تعرضت لضربات قوية في الفترة الأخيرة. فقد سرق قراصنة 530 مليون دولار من العملات الافتراضية من مكتب «كوين تشك» للصيرفة، ما أدى الى انهيار الأسعار وأظهر مدى هشاشة وتقلب هذه العملات. ويبدو أن عملية القرصنة التي تمت في 26 كانون الثاني (يناير)، هي أكبر عملية سرقة لعملات رقمية حتى الآن، إذ تجاوزت 480 مليون دولار التي سرقت في 2014 من مكتب صيرفة افتراضي آخر في اليابان هو «ام تي غوكس»، فرضت بعدها الحكومة اليابانية على مكاتب الصيرفة الحصول على ترخيص رسمي. كما أقر وزير المالية تارو آسو بعد عملية قرصنة «كوين تشك» هذا الأسبوع بأن على الحكومة «تشديد رقابتها». وأضاف أن «كوين تشك» لم «يخزن الأمور المهمة على حدة، أعتقد أنهم يفتقدون الى الحس الأدنى من المعرفة أو المنطق». وفرضت السلطات رقابة في كوريا الجنوبية والصين وحتى في روسيا، حيث تم إعداد مشروع قانون الأسبوع الماضي لضبط إنتاج العملات الرقمية. ويقول اينيس إن مثل هذا الإشراف كان ضرورياً منذ زمن فإطار العمل الحالي «متساهل جداً بالنظر الى هشاشة المستثمرين نتيجة تقلبات السوق والجرائم المعلوماتية... في شكل عام إطار الضوابط في آسيا كان سيئاً جداً وكان يضع أهدافاً مغرية في متناول المجرمين». وكان فرض ضوابط على التعامل بالعملات الرقمية من بين المواضيع المثارة بين النخب المشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس»، حيث حض وزير المال البريطاني فيليب هاموند الحكومات على توخي «الحذر». وقال في مقابلة مع قناة «بلومبرغ» التلفزيونية «علينا أن نراجع طريقة تنظيمنا هذه البيئة قبل أن يصبح عدد البتكوين المستحقة كبيراً، بحيث يصبح مهماً بشكل أساسي على صعيد الاقتصاد في العالم». بعدها تدخل عملاق الانترنت «فايسبوك» وحظر كل دعايات العملات الرقمية في محاولة للتصدي لمحاولات الاحتيال. وأثرت كل هذه العوامل في سعر «البتكوين»، العملة الافتراضية الأكثر شهرة والتي ارتفعت أخيراً الى نحو 20 ألف دولار قبل أن تتراجع الى أقل من نصف هذه القيمة مع تقلبات يومية كبيرة في سعر الصرف. لكن على رغم الدعاية السلبية والاهتمام المتزايد من أجهزة المراقبة، فإن الحماسة لهذه العملات لم تتراجع. ويؤكد مكتب الصيرفة الرقمي الأساسي في اليابان «بت فلاير» أن هناك اهتماماً متزايداً بعد الكشف عن قرصنة «كوين تشك». ويقول المسؤول المالي فيه ميدوري كانيمتسو: «أشخاص كثُر بات لديهم اهتمام بالعملات الرقمية، فقد شهدت منصتنا تزايداً في عدد الطلبات الجديدة». ويضيف أن العملات الرقمية «لديها قدرة على المقاومة»، مشيراً الى أنه يتوقع تراجعاً في سعرها الى نحو 6 آلاف دولار «قبل عودة الأسواق الى الاستقرار». ويقول المتعاملون في هذا المجال إن لا سبيل لاعتراض التكنولوجيا وراء العملات الافتراضية، وحتى لو زال بعض هذه العملات فإن غيرها سينشأ محلها. يقول المحامي كين كاواي خبير الضوابط المالية والتكنولوجيا إن وراء العملات الرقمية «كمّاً هائلاً من الأفكار الجديدة»، مضيفاً أن «القرصنة تحصل والأشخاص الذين يختارون هذه التكنولوجيا يجب أن يكونوا على علم بالأخطار المرتبطة بها... أتوقع أن يصبح المتعاملون أكثر انتقاء لمكاتب الصيرفة». واقترح لضمان أمن المستخدمين وتحسين التكنولوجيا، أن يتم فرض ضوابط صارمة على مكاتب الصيرفة على غرار المصارف وشركات السمسرة، مضيفاً أن المصارف وشركات التجارة الالكترونية يمكن أن تستخدم العملات الرقمية الأكثر استقراراً في ما بينها بينما يتم التداول بالعملات الأخرى كأصول بديلة. وإزاء الإقبال الكبير على هذه العملات، من المرجح أن يتم فرض سلسلة من عمليات التدقيق، من بينها التحقق من هوية الزبائن أو فرض مراجعة خارجية للحسابات الرقمية لحمايتها من أي ثغرات أمنية على غرار تلك التي تم استغلالها خلال قرصنة «كوين تشك».