يحتفي النادي الأدبي الثقافي بمنطقة الباحة هذه الأيام بالقصة القصيرة في مهرجانها الأول والذي يحضره عدد كبير من محبي هذا الفن الإبداعي في المملكة العربية السعودية ، وسيكرم خلاله الرواد في القصة القصيرة السعودية وبعض المبدعون فيها. وإذا كانت منطقة الباحة قديماً بعيدة عن مراكز الإبداع في هذا اللون من الأدب فإن الإبداع نفسه لم يكن بعيداً عن أبنائها فقد دفعهم إلى الرحيل عنها والالتحاق بمراكز الإبداع في المملكة وخاصة منطقة مكةالمكرمة – الطائف – مكة – جدة – فاحتكُّوا بكبار الأدباء هناك وصُقلت مواهبهم فأبدعوا بل أصبحوا رواداً في القصة القصيرة وإذا كان المبدعون من أبناء المنطقة كثر ولا يتسع المجال لذكرهم فإنني سأذكر منهم رائدين على سبيل المثال لا الحصر بلغت سمعتهما الآفاق وتعدت الحدود أولهما الأستاذ / عبدالعزيز مشري رحمه الله تعالى ، فقد كتب القصة القصيرة والرواية منذ ثمانية وثلاثين عاما حيث أصدر مجموعته القصصية الأولى – موت على الماء – عام 1979م بعد ذلك أصدر مجموعات قصصية وروائية نالت شهرة واسعة وتبارى النقاد في تحليل مضامينها وفك رموزها حتى أن مجلة العربي الكويتية أصدرت في عددها 432 بتاريخ 1415ه الموافق نوفمبر 1994م قراءة نقدية لمجموعته القصصية – أحوال الديار – للكاتبة سعدية مفرح وتطرقت إلى قصصه ورواياته ومما قالته (...في حين ظل عبدالعزيز مشري هو الأكثر قدرة على تمثيل جيله القصص...الخ ) وقد احتفى به نادي الباحة وكرمه بعد وفاته واستلم درع التكريم أخوه أحمد . أما الرائد الثاني فهو الأستاذ / عبدالله بن سعيد بن جمعان الخزمري الزهراني أحد مؤسسي نادي الطائف الأدبي الثقافي . كتب القصة والرواية في الصحف المحلية منذ عام 1377ه أي قبل اثنين وستين عاماً حيث أصدر مجموعته القصصية الأولى عام 1389ه تحت عنوان – بنت الوادي – وطُبعت في مطابع الجيش السعودي بأمر من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وزير الدفاع حينذاك رحمه الله ، وقد صَدَّر الروائي عبدالله هذه المجموعة بكلمة شكر فيها سموه قال فيها ( عندما اطَّلع صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز على هذه المجموعة من القصص ورغبتي في طبعها .. أصدر أمره الكريم بطبعها في كتاب وذلك تشجيعاً لي وتحقيقا لأمنيتي وآمالي وإبرازاً لهذا اللون من الأدب الذي تفتقر إليه البلاد . الأمر الذي يشعرنا نحن أفراد القوات المسلحة السعودية بعطف القائد ولفتاته الكريمة التي تشيع البهجة والسعادة في النفوس . ولا غرو في ذلك فقد عودنا آل سعود نحن أفراد الشعب على حبهم وحنانهم وأريحيتهم ولفتاتهم السامية ، التي تزخر بالتواضع في أسمى معانيه والإنسانية في أبهى مواقفها ) . بعد ذلك أصدر مجموعة من الروايات والقصص وله عمل إذاعي بعنوان ( سلمى ) مُثِّل في ثلاثين حلقة من 1 /6 /1400ه وآخر تلفزيوني بعنوان ( فارس من الجنوب ) اذيع في ثلاثة عشر حلقة أسبوعية عام 1400ه وقد حصل نادي الباحة الأدبي الثقافي على مخطوطة مسرحية له تحت عنوان ( الشيخ والجلاد ) فحكَّمها وأصدرها في عام 2014م على هامش مهرجان الرواية العربية ( الذاكرة...والتاريخ ) وكرمه النادي بعد وفاته وقد استلمت زوجته جميلة خياط درع التكريم . وإذا كان بعض الأدباء والمثقفون المعاصرون يحددون عمر القصة القصيرة والرواية في المملكة العربية السعودية في شكلها الحديث ب ( سبعين إلى ثمانين عاماً ) فإن أبناء منطقة الباحة كان لهم بصماتهم الواضحة والمواكبة لنشأة هذا الفن الرفيع من الأدب العربي منذ ولادته في المملكة . والله المستعان . **