أصبحت القنوات العائلية على اليوتيوب تتنافس في استقطاب المشاهدين، والاستحواذ على الإعلانات والعلامات التجارية، فالقنوات العائلية أشبه بمدونات موثقة بالفيديو يدون فيها الأهالي مع أطفالهم الحياة اليومية. من أكثر تلك القنوات العائلية شعبية قناة «Shaytards « الأب الذي دون ويدون كل حدث هام لمتابعيه على اليوتيوب، حيث بلغ عدد المشاهدات لكل مقاطع الفيديو أكثر من 2.6 مليار مشاهدة، وهو رقم خرافي يقيس مدى شعبية تلك العائلة بين الجمهور الذي يتلهف لكل التدوينات المرئية الشخصية بتلقائيتها وبساطتها وجدتها في الطرح، كل تلك العوامل أكسبت العائلة حب وتعلق الجماهير بشخصيات حقيقية غير مصطنعة في أستديوهات هوليوود، فالقواسم بيننا وبين هؤلاء المشاهير كثيرة، فنحن نحب ونتعلق بمن يشبهنا في مأكله وملبسه وثقافته وحتى طريقة تعاطيه مع الأخبار اليومية والموضوعات، باختصار بمن يشعرنا بالانتماء لنفس المكان والثقافة. في العالم العربي هناك بعض التجارب القليلة في تدوين اليوميات العائلية، لكن لم تبلغ في شعبيتها الأرقام الفلكية التي حظيت بها القنوات العائلية في أمريكا وأوروبا على الشبكات الاجتماعية، والسبب يعود لأسباب ثقافية قد تقيد حركة المدون حرصا على خصوصيته، وبعض التقاليد التي تحد من تدوين واستثمار الحياة الخاصة. في السعودية ودول الخليج يتفرد الطفل والمراهق بقنوات وحسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، دون رقابة أو حتى علم والديه بما يقوم به، فهو من يؤلف محتوى الفيديو، ويمثله ويخرجه مع مجموعة من أصدقائه، بعيدا عن الرقيب والمتابع العائلي لما يقوم به، لذا نجد المحتوى المتداول والأكثر شهرة على اليوتيوب لا يخلو من مقالب خطيرة ومحتوى لا يرقى للنشر والاستهلاك، لاحتوائه على محاذير أخلاقية، وتعديات على حرية وخصوصية الناس. وجل هذه التجاوزات يمكن الحد منها من خلال رفع مستوى الوالدين في التعامل مع الشبكات الاجتماعية ومحو الأمية الالكترونية، ومعرفة كيفية المتابعة والرقابة للمحتوى، الذي يقدمه ويستهلكه الأطفال على اليوتيوب. ورغم محدودية التأثيرات الجانبية لمن يشاركوا أبنائهم الشهرة أو العمل للظهور على المنصات الاجتماعية، إلا أن البعض من علماء النفس يحذرون من وجود مخاطر في المدونات العائلية، كفقدان الخصوصية عند ارتكاب الأخطاء وتصحيحها، والعمل على الظهور بالشكل المثالي أو المرسوم له من شأنه أن يقيد الطفل ويفقده البهجة والسعادة على المدى القريب، وعلى المدى البعيد لا يعلم أحد حتى الآن تأثيرات الشهرة وتسجيل الأحداث اليومية على الأطفال، يربط بعض الباحثين الاكتئاب والقابلية للانتحار بتزايد استخدام الهاتف المحمول، وتزايد الوقت لاستخدامه إلى أكثر من خمس ساعات يوميا، فكلما زادت ساعات الاستخدام ارتفعت احتمالية الانتحار فالاكتئاب بحسب الباحثين يزيد بسبب قضاء وقت أكبر على الانترنت، وتجاهل الأنشطة الاجتماعية. المراهقون يتأثرون أيضا بعدة عوامل تهدد صحتهم العقلية والجسدية منها قلة النوم وبالإضافة لعوامل أخرى تعزز من الاكتئاب كقلة النوم، والتعرض للتنمر الالكتروني والابتزاز. لذا ليكن شعار الوالدين في المحتوى العائلي «احفظ تكسب»، لينعم الأطفال بطفولة آمنة ومستقرة بعيدا عن حسابات الربح والخسارة.