* أسألُ عن زوج هجر زوجته وهو معها في بيت واحد أكثر من ثلاثة أشهر، وقد سمعتُ أن من هجرها أكثر من أربعة أشهر كأنه طلقها - والله أعلم. فهل هذا صحيح، علمًا بأن الزوجة في أمس الحاجة لزوجها إلا أنها تصبر من أجل أطفالها؟ - الواجب بين الزوجين العشرة بالمعروف {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228]، فالمرأة «عَوَان عندكم» [الترمذي: 1163] كما جاء في الحديث، «واستوصوا بالنساء خيرًا» [البخاري: 5186] كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام -، فلا يجوز للزوج أن يحبسها في بيته ولا يعاشرها ولا ينفق عليها ولا يعاملها بالحسنى، وإنما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فلا يجوز له بحال أن يحوجها إلى غيره مع قدرته على ذلك. وأما ما أُشير إليه في السؤال من أنه هجرها ثلاثة أشهر، فهذا لا يجوز إذا كان المراد بالهجر: الهجر بجميع أنواعه في الكلام وفي الفراش وغير ذلك، وأما بالنسبة إذا عاشرها بالمعروف وبقي مسألة الفراش فإنه يلزمه أن يكفيها بحيث لا تتطلع إلى غيره، ومن أهل العلم من يَحُدُّ ذلك بأربعة أشهر بناء على أن مدة التربص في الإيلاء أربعة أشهر، والإيلاء هو أن يحلف الزوج ألا يطأ زوجته، فيُنتظر مدة أربعة أشهر، فإن فاء ورجع وإلا تفسخ منه، هذا يسمونه الإيلاء لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 226 227]، فالمرأة لها نصيب من زوجها، ولها عليه حقوق، فلا يجوز له أن يؤذيها، ولا أن يضيق عليها، ولا أن يحوجها إلى غيره، فمتى ما احتاجت إلى نفقة أو احتاجت إلى كسوة أو احتاجت إلى سكن أو احتاجت إلى عِشرة لزمه أن يلبي جميع رغباتها وحاجاتها، فإذا استمر على هذا الهجر - وكأن المراد به الهجر في الفراش - أربعة أشهر فإن عاد إلى رشده ولبّى رغبتها وإلا فلها أن تفسخ النكاح من قبل القضاء، أما كونها تَطْلُق كما جاء في السؤال (أن من هجرها أكثر من أربعة أشهر كأنه طلقها)، فهي لها أن تفسخ بعد أن تطلبه في القضاء، ولا تَطْلُق بمجرد ذلك. * * * التسبب في قطع الأرحام * الذي يكون سببًا في القطيعة بين الأقارب بماذا تنصحونه - وفقكم الله؟ - قطيعة الرحم من عظائم الأمور ومن كبائر الذنوب، وورد فيها نصوص كثيرة في الكتاب والسنة منها قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22-23]، وجاء في السنة نصوص كثيرة بهذا الصدد، فلا شك أن قاطع الرحم قد ارتكب إثمًا وجرمًا عظيمًا، والذي يكون سببًا في هذه القطيعة لا شك أنه مشارك له في الإثم، وإثمه عظيم جدًا، فالمباشر عليه إثمه ووزره، والمتسبب شريك له في ذلك، فعلى الطرفين أن يتوبا إلى الله -جل وعلا-، وأن يسعيا في إصلاح ما أفسداه من القالة بين هؤلاء الأقارب حتى حصلت القطيعة، ثم بعد ذلك يواصلون هذه الصلة. ** ** يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء