طلب الطلاق بسبب تفضيل الزوج بين الأولاد * سائلة تقول: هل عليّ إثم إذا طلبتُ من زوجي الطلاق؛ لأننا في خلاف دائم بسبب أنَّه يفرِّق بين ابنه من زوجته الأولى وبين ابني الأكبر، وأريد أن أوضح لكم أن عمر ابنه سنتان وتسعة أشهر وعمر ابني سنة وتسعة أشهر، وهو يشتري لابنه ألعابًا ويأخذه معه لأيّ مكان يذهب إليه، أما ابني فيراه ويبكي عليه، علمًا بأن ولدي يحبه حبًّا شديدًا ويبكي عليه عند خروجه من المنزل ووالده لا يقدّر هذا الشيء، وأشياء كثيرة تدل على أنه لا يحب ولديَّ كلاهما، لأن لديه أبناءً وبناتٍ من زوجته الأولى، فأصبحتُ لا أطيقه بسبب هذه المشاكل التي تتكرر دائمًا، وأردتُ الطلاق، فبماذا تنصحونني؟.. - أولاً: بالنسبة لهذا الزوج الذي لا يعدل ولا يسوِّي بين أولاده لا شك أنه آثم، وعليه التوبة والاستغفار والإقلاع عن مثل هذا، فعليه أن يسوِّي بين أولاده في مثل هذا، «اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم» [البخاري: 2587]، هذا بالنسبة للأولاد، لا يجوز له أن يُفضِّل بعضهم على بعض لا بالنسبة للذكور ولا الإناث.. لكن بالنسبة لكِ إذا خشيتِ من استمرارك معه أن تُفرِّطي في شيء من واجباته أو أنك نفد صبرك ولا تستطيعين البقاء معه فحينئذٍ هذا مبرر لطلب الطلاق، وإلا فطلب الطلاق من غير سبب لا يجوز. مراجعة المطلقة طلاقًا رجعيّاً * رجل طلق زوجته أول مرة، فهل يلزمه للعودة لها عقدٌ جديد؟ - أما إذا كانت هذه المطلقة طلقة واحدة لا تزال في العدة فإنه لا يحتاج إلى عقد جديد، بل عليه أن يُشهد على رجعتها وهي زوجته ما زالتْ في عصمته؛ لأنه لو مات وهي في العدة ورثتْه، ولو ماتت ورثها؛ لأنها ما زالت في العدة فهي زوجة، أما إذا انتهت العدة فإنه يجوز له أن يراجعها لكن بعقد جديد وخطبة جديدة كأُسْوة الخُطَّاب، يعني مثل الخُطَّاب الآخرين. قطيعة الرحم.. وأكل المال الحرام * لقد كثرت القطيعة بين الناس كما كثر أكل الحرام والتعامل بالربا، ما قولكم فضيلة الشيخ؟ وما وصيتكم لإخوانكم المسلمين؟.. - أما بالنسبة لقطيعة الرحم فهي من عظائم الأمور وجاء فيها الوعيد الشديد، وعلى الإنسان القاطع لرحمه أن يتوب إلى الله -جلّ وعلا- ويصل رحمه: «من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه» [البخاري:2067]، وجاء الوعيد الشديد: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد: 22-23]، -نسأل الله العافية-، وجاء في السنة الأحاديث الكثيرة التي فيها الأمر والتأكيد على صلة الرحم، وفيها أيضًا التشديد والوعيد الأكيد على قطيعة الرحم، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- وأن يصل رحمه. وأما بالنسبة لأكل الحرام والتعامل بالربا، فالربا أيضًا من عظائم الأمور ومن الكبائر وهو حرب لله ورسوله فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه [البقرة: 279]، ومَن يقوى على مثل هذا؟ وأكل الحرام كبيع ما حرَّم الله -جل وعلا- أو السرقات أو الغُصُوب أو غير ذلك مما حرمه الله -جل وعلا-، هذا -نسأل الله العافية- مع أنه يترتب عليه الإثم والعذاب، أيضًا تكون فيه المقاصَّة كما جاء في حديث المفلس، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار» [مسلم: 2581] -نسأل الله العافية-، ثم إن مثل هذا أيضًا من موانع إجابة الدعاء، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- «ذكر الرجل يُطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وَغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟» [مسلم: 1015]، مع أن الأسباب مبذولة، «أشعث أغبر» هذا أقرب إلى انكسار القلب، ومع أنه مسافر، والمسافر له دعوة مستجابة، و»يمد يديه»، ورفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء، ومع ذلك يُكرر «يا رب يا رب»، كل هذه أسباب لإجابة الدعاء، والعلماء يقولون: من كرر «يا رب يا رب» خمس مرات فحريٌّ أن يُستجاب له؛ استدلالاً بما جاء في آخر سورة آل عمران، فهذه أسباب لكنه وُجد المانع، «مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وَغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟» استبعاد، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- وأن يطيب مطعمه، كما سأل سعد النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث قال له: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة» [المعجم الأوسط للطبراني: 6495]. ** ** يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء