أكد اقتصاديون أنه بإصرار قطر على شق الصف الخليجي فإنها قد ارتكبت خطأ استراتيجيا فادحا على المستوى السياسي والاقتصادي وقد يؤدي إلى استهلاك جميع المقدرات المالية سواء من النقد الأجنبي أو (الريال القطري). وقال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين: يتسبب إطالة أمد المقاطعة في الضغط على المالية القطرية؛ والسيولة النقدية التي تسببت في رفع أسعار الفائدة بين البنوك؛ والاحتياطات النقدية التي أصبحت تحت ضغط تسرب الاستثمارات وتحويل أرصدة الريال إلى الدولار ما يعني استنزافا سريعا لها. في حين أن خسارة القطاع المصرفي للودائع فرض عليها رفع أسعار الفائدة لجذب ودائع جديدة تساعدها في تحقيق التوازن والبعد عن شبح الانكشاف. وتابع: لا يمكن لتركياوإيران أن يسهما في تخفيف وطأة الضغوط المالية؛ ففاقد الشيء لا يعطيه، بل إن البنوك الإيرانية تضررت من سحب المصارف القطرية ودائعها لتغطية مراكزها المالية في الداخل بعد سيل تحويلات العملاء للخارج. وأضاف: لم يعد الريال مقبولا في الخارج بعد تقلص الغطاء النقدي وارتفاع المخاطر المستقبلية خاصة مع توقع مزيد من الإجراءات الدولية التي قد تقل لتجميد الأصول القطرية في الخارج في حال ادانتها بتمويل الارهاب. ومن الطبيعي ألا يكون مقبولا في إيرانوتركيا اللتين تحرصان على تسوية مدفوعات صادراتها لقطر بالدولار الأميركي، فدخولهما على خط الأزمة هدفه الأول تعقيدها، والهدف الثاني تحقيق مكاسب مالية منها. ستواجه قطر في مرحلة المقاطعة الثانية أزمة مع الموردين الرئيسيين وشركات النقل البحري التي ربما تتوقف عن التعامل مع قطر بعد أن تُلزم بالاختيار بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر أو قطر، وهذا سيؤثر في تدفقات السلع والمنتجات، كما سيتسبب في شح في التموين بجميع القطاعات وسيرفع من التكاليف ما سيتسبب في تغذية التضخم. وأضاف: لن تقدم تركيا على الاصطفاف مع قطر إلا من أجل تحقيق مكاسب مختلفة، ومنها مكاسب مالية واقتصادية وسياسية، وبالتالي ستتحمل قطر تبعات أخطائها الاستراتيجية التي باكتشافها بعد فوات الأوان. وبالتالي فإن قطر قادرة على استيراد احتياجاتها من جميع دول العالم طالما تمتلك المال وأسطولا جويا يساعدها على تغذية أسواقها المحلية، إضافة الى شركات الشحن البحري. ولكن تكاليف الاستيراد ستكون مرتفعة بشكل كبير، كما أن دورة الاستيراد ستكون أطول ما قد يتسبب في شُح المنتجات ويزيد في سعرها. فيما قال الاقتصادي محمد العنقري: يمكن لقطر أن تصمد لفترة بين ستة شهور وسنة لكن ذلك سيكبدها خسائر كبيرة وارتفاع بفواتير الواردات مما سيعزز من احتمالات ارتفاع التضخم بنسب عالية وتآكل القوة الشرائية للريال القطري وقد يضطرها ذلك لاتباع سياسات مالية ونقدية متشددة ستضر كثيرا بالنمو المستهدف الذي يفرضها توفير الامكانات لاستضافة كأس العالم 2022 م ، أما إمكانية مساعدة قطروايران لها فهي غير واردة الا بتوفير بعض السلع والخدمات ولكنها ستكون بأسعار مضاعفة مرة او أكثر نظرا لاستغلال حاجة قطر للسلع، وكذلك ارتفاع تكاليف النقل خصوصا من تركيا أما إيران فلن توفر لقطر شيئا يذكر من السلع لظروفها الاقتصادية والإنتاجية اضافة لافتقارها معايير الجودة عموماً. وعما إذا كان الريال القطري مقبولا في إيرانوتركيا لدفع فاتورة الواردات الى قطر قال: المشكلة بدأت تظهر من الوقت الحالي ولا أظن أحدا سيقبل التعامل مع قطر إلا بالدولار حتى تنتهي الأزمة لأن الأسعار المستقبلية شهدت تقلبات حادة وكبيرة للريال القطري أمام الدولار وسيخشى المتعاملون مع قطر التعامل بالريال مادامت الازمة قائمة، وهذا ينطبق على كل الدول وليس ايرانوتركيا فقط. وعن مكاسب تركيا التي ستجنيها في تسديد فاتورة الدعم عبر أسعار تفضيلية لصادرات الغاز القطريلتركيا قال العنقري: مع اشتداد الأزمة يمكن أن يحدث ذلك وتوفر تركيا بعض السلع والخدمات بالمقايضة بالغاز، وبسعر أقل من السعر العالمي لأن القرار سيخضع لاعتبارات سياسية واستغلال لأزمة قطر، وتركيا تبحث عن مصالحها بنهاية المطاف ولن توفر فرصة لتعظيم مكاسبها من تلك الأزمة إلا وستستغلها. وعن استطاعة ايرانوتركيا تعويض السلع والخدمات التي تحتاجها قطر بعد إعلان المقاطعة من الدول الأربع التي كانت تغذي السوق القطري بأغلب احتياجاته من السلع الغذائية ومواد البناء وخاصة أن النقل البحري يأخذ وقتا والجوي مكلف، قال العنقري: لا يمكن تعويض كل احتياجات قطر من تلك الدول وتحديدا ايران فسلعها محدودة وليست بجودة ومعايير مقبولة للمستهلك القطريوتركيا ستكون تكاليف الواردات منها عالية مما سيضر بنمو الاقتصاد والقوة الشرائية للريال القطري، وامكانية ارتفاع التضخم وكذلك زيادة العجز بالموازنة وتراجع احتياطات قطر المالية خلال فترة لن تتعدى عاما واحدا، حتى نشاهد كل هذه التغيرات وبعضها بدأ بالظهور، خصوصا ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير. من جهته قال الاقتصادي أحمد الشهري: عند إصرار قطر على شق الصف الخليجي تكون بذلك ارتكبت خطأ استراتيجيا فادحا على المستوى السياسي والاقتصادي وقد يؤدي إلى استهلاك جميع المقدرات المالية سواء من النقد الأجنبي أو العملة المحلية القطرية الريال، إلا أن الدول التي تراهن عليها قطر لن تستمر إذا ما تم تصعيد الموقف إلى مستويات أكثر إجهادا على قطر أمام المجتمع الدولي وقد نرى من إيرانوتركيا مواقف أخرى سواء يدفع تكاليف أعلى أو حتى التخلي عن قطر في حال صعدت الدول المقاطعة مواقفها دوليا، أود الإشارة إلى أن تركيا ليس لديها حدود مع قطر مما يعني أن الدعم التركي لن يصمد طويلا ولاسيما إذا تعارض ذلك مع مصالحها، الارهاب قضية العالم الأولى وعند استصدار أي مواقف أكثر قوة ضد قطر سنرى إيرانوقطر أكثر المطالبين بدفع فواتير الدعم بالدولار الأمريكي، لذا سنرى أن المواقف ستكون نفعية اقتصادية معتمدة على نوع من الانتهازية واقتصادية والتي تعتبر أحد الموارد في النزاعات الاقتصادية، لن تصمد قطر طويلا أمام الموقف الدولي من الإرهاب وقضاياه التي لا مجال فيها للمفاوضات. وقال الخبير الاقتصادي بندر السّفير: عند طلبك الدعم أو المساندة من شخص أو من جهة ما للوقوف معك في محنة ما، غالبا ما يكون هناك قواسم مشتركة بينك وبينهم إما من خلال المشاعر أو الميول أو الرغبات أو التوجهات لذا يجب ان نفتش عن القواسم المشتركة بين قطر من جهة وتركياوإيران من جهة، فكيف لدولة معاقبة دوليا ومقاطعة من عدة دول وتحتضر اقتصاديا ولها اطماع قديمة في قطر وشقيقاتها كإيران أن تكون عونا لقطر في هذه الأزمة، وكيف لدولة لديها اطماع تاريخية في قطر وشقيقاتها، دولة كادت ان تنقلب رأسا على عقب في ليلة وتفقد كل شرعيتها كتركيا ان تكونا عونا لقطر في هذه الأزمة، لذا يجب على قطر التفكير جليا في التكلفة الحقيقية (الخفية) لكل مساعدات تركية وإيرانية، وما ثمنها وأثرها على مستقبل قطر ومستقبل المنطقة بشكل عام. وأضاف: من الناحية الاقتصادية لا يمكن بأي حال أن تفي المساعدات الإيرانية التركية باحتياجات قطر في ظل إغلاق المنافذ البرية والبحرية وكذلك الجوية، حينها سترتفع كل التكاليف وستتضاعف فترات التوريد مما يلغي أي منطق اقتصادي او تجاري لجدوى تلك المساعدات. في الأيام القليلة الماضية ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية وخاصة الغذائية بسبب ضعف التموين الذي كان يصل عبر المنافذ السعودية الإماراتية وستبقى تلك السلع مرتفعة حتى في ظل المساعدات الإيرانية التركية بسبب التكاليف الإضافية حتى وإن كانت تلك الواردات مُدعّمة. وعلى صعيد الاستثمارات ستنخفض قيمتها السوقية وخاصة الاستثمارات العقارية بسبب زيادة العرض وتراجع الطلب بشكل ملحوظ والمرتبط ارتباطاً وثيقاً بانخفاض التصنيفات الائتمانية لاقتصاد قطر، وبالحديث عن التصنيفات الائتمانية ستكون البنوك القطرية الخاسر الأكبر لكونها تعتمد في أنشطتها بشكل كبير على التمويل الخارجي وبانخفاض التصنيف الائتماني للاقتصاد القطري ستزداد أسعار الفائدة على البنوك القطرية وستنخفض مستويات الإقراض أو التمويل. وأردف: بالنسبة للمشاريع والإنشاءات فقد تتوقف تماماً أو تضعف وتيرة تنفيذها بسبب النقص الحاد في توريد مواد البناء والتي تدخل لقطر بشكل مباشر عبر السعودية والإمارات وبالتالي حُلم استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022م سيكون في مهب الريح علماً بأن استضافة قطر لكأس العالم لم ولن تكون مربحة من الناحية المادية أسوة بالدول المنظمة السابقة بل هي لفت انتباه وحب للظهور والتواجد أكثر من أي شيء آخر. وكذلك الخطوط القطرية أيضاً والتي بذخت عليها الحكومة القطرية كثيراً، ستعاني بشكل دراماتيكي وستتقلص حصتها السوقية حيث إنها بالمقاطعة الاقتصادية تخسر 50 رحلة يومية للدول المقاطعة لها وبالتالي خسرت آلاف المسافرين يومياً، ليس ذلك فحسب بل بسبب إغلاق الأجواء والمنافذ الجوية ستضطر الخطوط القطرية لسلك مسارات أطول لوجهات قريبة وبالتالي ستزداد التكاليف المرتبطة بتغيير الوجهات للمسافرين من غير دول المقاطعة وسيصبح السفر على الخطوط القطرية غير جذاب وغير منطقي البتة وهو ما أكده الرئيس التنفيذي للخطوط القطرية أكبر باكر عندما استنجد بمنظمات الطيران الدولية في مواجهة المقاطعة.