أكد اقتصاديون أن الضربات الاقتصادية الأكبر على قطر في توقف تداول ريالها في البنوك الاوروبية وانخفاض قيمته مقابل الدولار، مشيرين خلال حديثهم ل«اليوم» إلى أن اتساع دائرة الحصار الاقتصادي على سياسة قطر الممولة للإرهاب هو اتحاد عالمي يهدف لبتر شجرة الارهاب، مؤكدين مدى تأثر الدوحة وتعثرها الواضح إثر الأزمة الحقيقية التي وضعت نفسها فيها، ما ساهم في تعليق التعامل بالريال بسبب نشاطها وعزوفها عن قبول مطالب دول المقاطعة التي شلت حركتها الاقتصادية بإجراءاتها العقابية. وأوضح خبراء الاقتصاد والمال أن تذبذب انخفاض قيمة العملة القطرية سيرفع قيمة الواردات مقارنة بقيمة الصادرات، ما يشكل المزيد من الضغوط على اقتصاد الدوحة، بالإضافة إلى معدلات التضخم التي تعانيها تزامنا مع المقاطعة الخليجية. خطر محدق قال المستشار المالي والمصرفي فضل البوعينين: «إن الريال القطري في تدهور ووصوله إلى 3.81 مقابل الدولار الأمريكي يعتبر الأدنى له منذ أكثر من عقدين، وهو دليل على عدم مصداقية مصرف قطر المركزي الذي ربط استقرار سعر صرف الريال مقابل الدولار، يأتي ذلك مع توقف بعض البنوك الاوروبية من التعامل مع العملة القطرية وشرائها أو بيعها». وتوقع المستشار المصرفي المزيد من الخطر المحدق على المركز المالي القطري في دول العالم، والذي ساهم فيه توقف البنوك عن تداول الريال، والذي أشار إلى أنه يعد مزيدا من الضغوطات على عاتق المستثمرين الاجانب، ومعلوم أن الاستقرار يعتبر من أهم مكونات العلاقة الاقتصادية بين الدول، لافتا إلى أن توقف العديد من الشركات المصرفية في التعامل مع العملة القطرية، سيقلل من التبادل التجاري الذي يقتضي وجود قبول للنقد في حالات المعاملات الاقتصادية مع الخارج وحرية حركة رؤوس الاموال بين الدول التي تسعى قطر للتعامل معها. سعر الصرف بين الخبير الاقتصادي مصطفى تميرك أنه من المتوقع قطع التعامل مع الريال القطري في البنوك الاوروبية جراء ممارساتها العدائية لجيرانها، ومع طول فترة المقاطعة الخليجية سيضع ذلك المزيد من الضغط على تداول عملتها وسعر الصرف؛ مقارنة بالعملات الأخرى. وأشار تميرك إلى أن أسعار الصرف هي وسيلة أساسية في عمليات التبادل التجاري الدولي وايضا على مقومات مناخ الاستثمار الاجنبي والذي يؤثر بشكل مباشر على مدى استقرار السياسات السعرية ومعدلات التضخم، مبيناً أن تذبذب انخفاض قيمة الريال القطري سيرفع قيمة الواردات مقارنة بقيمة الصادرات وهذا يشكل المزيد من الضغوط على الاقتصاد القطري، بالإضافة إلى معدلات التضخم التي تعانيها قطر التي تتزامن مع المقاطعة الخليجية، مما سيزيد من انخفاض قيمة الريال القطري وهذه أحد الاسباب التي جعلت البنوك الاوروبية توقف التعامل مع الريال القطري سواء بعمليات الصرف العاجلة او عمليات الصرف الآجلة أو العقود المالية المستقبلية والتي سببتها ضبابية المستقبل للريال القطري. أيام عجاف من جانبه، أشار استاذ العلوم السياسية بجامعة الامارات سابقا واستاذ مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون، د. عبدالخالق عبدالله، إلى أنه في حالة عدم موافقة قطر على المطالب سوف تشهد أياما عجافا ومستقبلا مظلما، وشرح استاذ العلوم السياسية مقصده قائلا: «عندما اقصد اياما سوداء، أعني أن قطر ستتأثر على جميع الاصعدة بسبب العزلة السياسية والمؤشرات الاقتصادية والمالية التي ما زالت في تراجع، رغم قصر فترة المقاطعة». وأوضح د.عبدالله «أن العزلة السياسية تتوسع، وصورة الدوحة الائتمانية اصبحت سالبة لدى الجميع، حتى إن الكثير من البنوك العالمية أوقف التعامل معها، وليس امامها إلا التراجع والرضوخ للمطالب»، وشدد على ضرورة «إيفاء قطر بالتزامها وتكتلها الخليجي، لتفادي تجميد الاتفاقيات الموقعة معها في مجلس التعاون الخليجي، وإلغاء عضويتها بالتالي»، مضيفا: «لذلك ليس أمامها إلا الاستجابة للمطالب والعودة إلى البيت الخليجي». موقف محرج وواصل الاستاذ والمحلل السياسي حديثه للصحيفة، مبينا «أن موقف قطر محرج والمستقبل امامها قاتم إذا خرجت من الحضن الخليجي العربي، وارتمت في حلف إيران، ما يتطلب من عقلاء الدوحة التدخل وحفظ ماء الوجه، قبل ان تصبح قطر معزولة»، وأضاف: «هي لن تستفيد من إيران وتركيا وحتى لو اصطفت روسيا ضمن حلف التتريك والصفوية»، مشيرا إلى أن هروب قطر من دول الخليج والاحتضان بالأعداء لن يزيدها إلا ضررا على الأضرار السابقة التي تعاني منها، فمعلوم أن روسيا تدخلت في الشأن السوري ولم تنجز شيئا سوى الخراب وإطالة أمد الأزمة. وختم د.عبدالله قائلا: عندما تنتهي المهلة التي أعلنت من دول المقاطعة سوف يتم التصعيد مع قطر على جميع الاصعدة سياسيا وتجاريا واقتصاديا، وينبغى لها أن تنتبه جيدا لمآلات ذلك، فهي الآن تعاني من تأثير مقاطعة قصيرة الزمن، وأصبحت بمعزل عن محيطها، وفقدت عملتها قيمتها، وتم إيقاف التعامل بها في الكثير من البنوك العالمية، وزاد قائلا: على الرغم مما تصوره وسائل اعلامها بأنها لم تتأثر، فهذا بالطبع غير صحيح، بسبب ما نراه ويرد لمسامعنا من مواطنين ومقيمين هناك، بمواجهتهم لصعوبة توفير حاجتهم من بضائع ومواد إنشاء أو استهلاك، والايام القادمة ستكون أدهى وأمر.