سعدتُ بحضور افتتاح سوق عكاظ في دورته الحادية عشرة ومتابعة فعالياته ولقاء العديد من مثقفي المملكة الذين حضروا وشاركوا في فعاليات السوق. وقد تميز سوق عكاظ هذا العام بالكثير من الفعاليات التي كان بعضها امتداداً وتطويراً لفعاليات الأعوام الماضية والبعض الآخر كان جديداً بعد أن انتقل الإشراف على السوق إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. لقد كانت عودة الحياة من جديد إلى سوق عكاظ حلماً يراود خيال المثقفين وكل المهتمين بتاريخ جزيرتنا العربية وآدابها وتراثها، وقبل أحد عشر عاماً بادر الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة والشاعر والرسام والمثقف إلى إحياء سوق عكاظ، وقد استمتعنا بفعالياته المتنوعة على امتداد العقد الماضي ونحن لا نكاد نصدق أن الحلم الكبير الذي طالما تطلعنا إلى تحقيقه قد تحقق بالفعل. ولابد، بمناسبة انتقال الإشراف على السوق من إمارة مكةالمكرمة إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، من تقديم الشكر للأمير خالد الفيصل على كل ما بذله لانتشال سوق عكاظ من وهدةٍ دامت قروناً طويلة، فقد كانت حماسته وجهوده وإصراره وتصديه للمعوقات وراء إحياء سوق عكاظ التي هي مجدٌ لنا ولكل العرب. واليوم تبذل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني كل ما في وسعها ليس فقط للمحافظة على المستوى الذي وصل إليه سوق عكاظ خلال العشر سنوات الأخيرة وإنما أيضا للبناء على هذا النجاح والإضافة إليه. وكان الموسم الحادي عشر هو التجربة الأولى للهيئة بعد انتقال الإشراف إليها، وهي تجربة ناجحة وتبشر بالخير. وقد أوضح رئيس الهيئة الأمير سلطان بن سلمان في مناسباتٍ سبقت الافتتاح أن الهيئة تحمل الكثير من الأفكار والمشاريع التطويرية لسوق عكاظ، رأينا بعضها في موسم هذا العام ونتطلع إلى تنفيذ المزيد منها في الأعوام القادمة إن شاء الله. إعادة الحياة إلى سوق عكاظ وتطويره كان ضرورة ثقافية وحضارية، ولابد أيضا من إعادة الحياة إلى الأسواق الأخرى مثل سوق مجنة وسوق ذي المجاز وسوق دومة الجندل وسوق حباشة وسوق المشقر وسوق هجر وسوق النطاة وسوق حجر، فهذه الأسواق هي شاهدٌ على أمجاد جزيرتنا العربية في ميادين الثقافة والتجارة وتنسف مقولات يوسف زيدان وأمثاله ممن يظنون أن جزيرة العرب تفتقر إلى الماضي الحضاري. سوق هذا العام كان انطلاقة قوية للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وسيكون القادم أجمل وأكمل إن شاء الله.