أكد مثقفون على أهمية دور النخب الثقافية تجاه «الأزمات» في عالمنا العربي عامة، وفي دول مجلس التعاون الخليجية خاصة، الذين يعوّل عليهم في دعم رؤية «الاتحاد الخليجي» والدفاع عن البيت الخليجي، والإسهام من موقعهم الاجتماعي وعبر المؤسسات الثقافية والفكرية بوصفه (قادة رأي) في تقديم كل ما من شأنه خدمة البيت الخليجي حكومات وشعب واحد، شكل نسيجه وحدة العقيدة واللغة والهوية والروابط الاجتماعية وعمق التاريخ ومسيرة المستقبل الواحد، والمصير المشترك.. مؤكدين من جانب آخر في رسائلهم الثقافية إلى النخب الثقافية الشقيقة في قطر، بأن يكون لهم دور فاعل، لدرء الصدع الخليجي الذي بدت ملامح هزاته تحيط بدولة قطر الشقيقة!. عضو هيئة التدريس في جامعة الطائف الدكتور أحمد الهلالي استهل حديثه عن دور الثقافة القطرية ودور النخب الثقافية من الأشقاء القطريين قائلا: النخب الثقافية القطرية في موقف لا تحسد عليه اليوم، فهي أمام حالة متناقضة، دولة تنادي كل شعوب العالم العربي والإسلامي إلى حرية التعبير، وتقمع شعبها عن التفوه ببنت شفة!، لكن هذا لا يعفي النخب الثقافية القطرية من دورهم، وإسداء النصح للقيادة القطرية بمراجعة خطواتها، والالتزام بتعهداتها الأخيرة في الرياض 2014م، فالمثقف القطري اليوم يرى ساسة بلاده يجرون مجتمعهم إلى مصير مجهول، في انسلاخ من قوميتهم العربية، وعمقهم الخليجي، والارتماء في متاهة قوميات (فارسية وتركية) المعروفة بعدائها للعرب! وعطفا على البيان المعلن من المملكة والإمارات والبحرين ومصر، بأنه بيان يستهدف موقف النظام القطري، مؤكدا البيان على أنه لا يمكن أن يهدف إلى تغيير النظام، ولا يمكن أن يكون الشعب القطري الشقيق هدفا له، إذ هو شعب مغلوب على أمره تجاه كلما يمارسه النظام، ما يجعل للمثقفين الأشقاء في قطر، دور ثقافي وفكري وخارطة طريق ثقافية تسهم من خلالها إلى إعادة قطر إلى واحة البيت العربي، حيث قال الهلالي في هذا السياق: إن صمت المثقف فالتاريخ لن يعفيه عما يجر إليه الشعب القطري الشقيق دون ذنب، فالواجب أن تتحدث هذه النخب بلغة سلمية معتدلة، عن المشتركات الخليجية الرئيسية والفرعية، ثم تحصر الخلاف في أطره السياسية، وتضع الكرة في مرمى السياسي وتحثه على حلحلة الخلافات والعودة إلى الوئام مع أشقائه الخليجيين، أما الصمت خوفا، أو مسايرة السياسي فلن تجني منه قطر إلا الخسران، ووصم النخب الثقافية بالسلبية والجبن، وتقديم سلامة المثقف ومصالحه الشخصية على مصلحة الوطن القطري والخليج. وعن أهمية دور المثقف العربي في ظل ما يواجهه من أزمة متتالية، يجعل من دور المثقف فاعلا وحاضر الوجود والأثر، وعن الدور الثقافي الذي يترقبه المثقف العربي من أشقائه المثقفين في قطر، قالت الكاتبة والإعلامية فاطم عطيف: هي رسالة مختصرة أوجهها إلي إخواننا بقطر: يقال أن الحرية والمسؤولية الأدبية توأمان، لو افترق أحدهما عن الآخر ماتا جميعا!، وهذي ما يجب على أصحاب العقول من الجيران بقطر، وذلك بأن ينتبهوا له، بعدما رفعت ستائر الظلام وظهرت التماسيح فمصير شعب ربما يحدده قلم يؤمن إن الظلام مرهون بوقت ينتهي بخارطة طريق لفكر مستقل، وتحت الشمس يكون طوق نجاة لنا ولهم كأشقاء، ويضمن تجفيف بحيرة الدم المذهبية الدم التي يجتهد العابثون في محاولات إغراق الأمة العربية فيها بسلاح قذر، وتحت عباءة الدين!، فرسالتي هذه ما هي إلا وقفة ضمير صادقة، لأهلنا في قطر، نحو تحديد مصير سوف يشهد عليها التاريخ لكم. أما الكاتب والقاص جمعان الكرت، فقال: نستطيع تصنيف المثقفين إلى فئتين: مثقفون انتهازيون يسعون لتحقيق أغراض نفعية، يخلطون الأوراق، يصبون الزيت على النار، يُغلبون عواطفهم، يضللون المجتمع، ومثل هؤلاء لا نفع منهم ولا فائدة بل ضررهم وخيم وخطرهم كبير، أما الفئة الثانية: مثقفون إصلاحيون وهم الذين يرتهنون إلى إعمال العقل، يحرصون على اتخاذ المواقف النقدية الواعية من أجل النهوض بالمجتمعات؛ ولكون الوطن العربي بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص تمر حالياً بمرحلة عصيبة بسبب انشقاق دولة قطر التي حادت عن المسار الخليجي انجرارا مع إيران التي تسعى للتغوّل في جميع أنحاء الوطن العربي بعد أن وصلت حبائلها إلى العراق وسوريا ولبنان، وبحمد الله فشل وصولها لليمن بعد أن اجهضت «عاصفة الحزم» تلك المخططات المزعومة. وعن العمق الخليجي، وما يحاك له من حرب معلنة من إيران، ومؤامرات، قال الكرت: دول الخليج تمر بظروف حرجة للغاية وهنا يأتي دور المثقف الطليعي الفاعل المؤثر الذي يسعى للإصلاح، وهنا يتطلع المجتمع إلى المثقف الحقيقي بوصفه ضمير مجتمعه، القابض على جمر الأسئلة الملم بكل القضايا المصيرية، المتفاعل مع الأحداث، المتفاني لخدمة مجتمعه، الناظر للمستقبل المضيء، الساعي للرؤى النهضوية؛ فالمثقف الطليعي الذي يتفاعل مع القضايا الإنسانية، القادر على المشاركة المخلصة في صناعة القرارات، فهنا نستطيع القول: إن المثقف الحقيقي هو الذي يستشرف المستقبل، ويعين السلطة، ويمتلك العين البصيرة، والروح الصادقة الأمينة، بما يطرح من رؤى وأطروحات تفرضها عليه التجاذبات التي تشهدها الساحتان العربية والعالمية من أجل الاستقرار، وحياة يسودها المساواة والحرية . كما وصف رئيس القسم الثقافي بوكالة الأنباء السعودية فهد العواد المهيني الدور المأمول من النخب الثقافية القطرية، للقيام بواجبها تجاه هذه الأحداث، قائلا: على نخب الأشقاء الثقافية تقديم النصح للحكومة القطرية فيما تملي عليهم مصلحتهم ومصلحة الشعب القطري الشقيق وشعوب دول الخليج التي تعد أسرة واحدة، لكونها قبائل وأسر متوزعة في دول الخليج العربية، وتربطهم أواصر الدم والرحم والنسب والدين واللغة والمصير المشترك، فلقد دعا الملك عبدالله بن عبد العزيز - رحمه الله - إلى اتحاد دول الخليج لمصيرها المشترك ومصلحتها المشتركة، وشعوبها تعد أسرة واحدة ، وهذا ما كنا نأمله بعد قمة الرياض التي جمعت 52 دولة إسلامية من ضمنها قطر، إضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي رجحت بها كفة أهل الخليج على المستوى الدولي، وهذا ما أغاض قوى الحقد التي ترى أن المملكة ودول الخليج العربية تعد ثقل العرب والمسلمين لما تحظى به المملكة العربية السعودية من مكانة في قلوب المسلمين، وهذا ما يسعى أعداء الأمة الإسلامية إليه لتفريق الصف الخليجي وتفتيت قوة العرب والمسلمين. وقال المهيني: مكانة المملكة تحتم عليها أن تكون العون والسند لكل دول الخليج، وليس لديها أطماع في قطر ولا غيرها من الدول الخليجية، ولكن لا يمكن أن ترضى بما يضر بمصلحة شعوب الخليج، فمصلحة الشعوب الخليجية واحدة ودوله مصيرها مشترك، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله كيف أنصره ظالماً؟ قال: تحجره عن الظلم، فذلك نصرك إياه»، فنصر المظلوم واضح، ولكن نصر الظالم معناه منعه من الظلم وحجزه عن الظلم، هذا نصره، فإذا أراد أن يظلم أحد تقول لا، قف، تمسكه، وإذا كان لك استطاعة تمنعه من ذلك، فهذا نصر الظالم تعينه على نفسه وعلى شيطانه، وعلى هواه الباطل، وهذا ما نأمله من النخب المثقفة القطرية، بأن تقدم النصح للحكومة القطرية، وتؤكد أن الشعب السعودي والقطري نسيج واحد، وأن أي خلاف يجب أن يحل بالحوار العقلاني، فالمملكة العربية السعودية ستظل العون والسند لدول الخليج وشعوبها.