في الوقت الذي تقف فيه أمتنا العربية على اعتاب مرحلة بالغة الصعوبة، سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا، امام المتغيرات التي تشهدها المنطقة من حروب ودمار وتدخلات في شؤونها الداخلية. وفي الوقت الذي كانت قيادات دول المجلس التعاون تسعى وتعمل جاهدة للنهوض بدولها ومصلحة شعوبها، وتجنيبها افرازات ما سمي ب"الربيع العربي"، وهو ليس كذلك، بل دمارٌ كما هو الامر في سوريا وليبيا. في الوقت هذا، وفي ظلّ هذه الظروف الصعبة، فوجئ ابناء هذه الأمة بان حكومة قطر تعمل على تفريق شمل هذه الأمة، وزرع الفتنة فيها، وزعزعة التضامن والعمل الخليجي المشترك، وبعثرة الجهود. وغني عن القول إن ما اصاب المنطقة أثّر على الأمن الخليجي، وعلى التضامن الخليجي؛ وهما الضحيتان الأساسيتان للتعنّت في الموقف القطري، وتلكُّؤ القيادة القطرية من العودة الى الصف الخليجي وإنهاء هذه الأزمة التي اصابت العائلة الخليجية والشعب الواحد والعمل الخليجي المشترك في الصميم. لقد أُسِّس مجلس التعاون لدول الخليج العربية بهدف حماية امن واستقلال وسيادة دول المجلس ورفاهية شعوبها، نظرا لما يربط بينها من صلات القربى والروابط الاسرية والسمات المشتركة، فضلا عن عوامل اللغة والتقاليد والحضارة. الامر الذي جعل المملكة وأشقّاءها في دول المجلس تؤمن بالمصير الخليجي المشترك وبوحدة الأهداف بين دوله، بعيدا عن التدخلات الإيرانية وغيرها في المنطقة وشؤونها الداخلية. ان الأصوات التي تتجاهل حقائق الأزمة الراهنة مع حكومة قطر، والتي تصبّ في مجملها في تقويض امن دول المنطقة، سواء كان الامر يتعلق بإيواء المعارضين او دعم الجماعات الإرهابية او التنسيق مع دول لا تحب الخير للعرب، حاليا وتاريخيا، مثل ايران وتركيا، تتجاهل حقيقة هذه الممارسات التي تتناقض مع التزامات دولة قطر كدولة عضو في مجلس التعاون الخليجي على الأقل. ان هذه التصرفات اللامسؤولة تثير العديد من التساؤلات في ذهن كل مواطن خليجي، بل كل عربي مخلص لوطنه وامته، عن البواعث والاسباب التي تدفع بدولة عضو ان تقوم بمثل هذه الممارسات التي تقوض امن دول المنطقة. ولا شك، ايضا ، أن ما يحز في النفس ان تسمح دولة شقيقة لقوى اجنبية، عُرفت بعدائها للعرب والعروبة عبر العصور، بأن تعبث بأمن أشقائها. إن استمرت قطر بلعب مثل هذه الأدوار المزدوجة امر لا يخدم قطر او شعبها في المقام الاول. كما تتحمل قطر وحدها مسؤولية ما اصاب العمل الخليجي المشترك من مصائب وآلام مست النظام العربي برمته. وهذا ما لا يمكن تجاهله من قبل دول عربية مؤثرة كالمملكة التي ما فتئت تؤمن بالمصير الخليجي المشترك، وبوحدة الأهداف بين دول المجلس. ان ما قامت به المملكة والدول الشقيقة الاخرى يصبّ في معين حقها الشرعي في حماية شعوبها من أية انتهاكات تهدد أمنها وسلامة دولها نتيجة لهذه الممارسات القطرية، وما تبين من نوايا ستصيب الشقيق قبل غيره. وبالتالي، لن تستطيع أية أصوات ان تغيِّبَ هذه الحقيقة او تزيِّفَها. * السفير السابق في السويد والمغرب