على وقت الرمز النصراوي الكبير الراحل عبد الرحمن بن سعود -غفر الله له- كان النصر بمن حضر حقًّا، فقد دشن -رحمه الله- هذه المقولة، وعمل بها فوق المستطيل بالفعل، فكثيرًا ما كان فريقه في أسوأ حالاته الفنية، ومستبعدًا من ترشيحات النصر، لكنه في النهاية ينتصر! ولاسيما أمام الهلال المنافس التليد، فالراحل كان كل شيء في النصر، هو المدرب وهو الطبيب وهو المحفز وهو عضو الشرف وهو المشجع، وكان يبث طاقة عجيبة في روح لاعبيه حتى لو لعب بالرديف ويكسب.. كانت كل المشاكل الفنية والإدارية والمالية والشرفية تذوب داخل حنكته ومحبته وإخلاصه لفريقه. أما اليوم فقد تغير كل شيء في النصر، وانقلب الحال تمامًا، وأصبح النصر بمن هجر في عهد فيصل بن تركي! فالداعم ابتعد، ولحق به نائب الرئيس، ثم مدير الكرة، فالمدرب، وختموها بالهجران الجماعي في يوم عرس الهلال؛ ففي ذلك اليوم ابتعد الجميع بدءًا من رئيس النادي، وانتهاء بالجمهور الذي كان تعداده لا يتجاوز ال19 مشجعًا، وكأنه يرمز لسنوات الهجران الأكبر لفريقهم عن البطولات، الذي دام هو الآخر 19 عامًا، ويومها الكل هرب وسلم الفريق لقمة سائغة هنيئة للهلال، ولولا رأفة مدرب الهلال بالنصر حينها واكتفاؤه بخمسة أهداف عندما أخرج كل مفاتيح اللعب في فريقه لخرج النصر حينها بهزيمة تاريخية مذلة! الهجران لم يتوقف عند هذا الحد؛ فاللاعبون يهجرون فريقهم من بداية الموسم، فلك أن تتخيل أن حارس الفريق عبد الله العنزي مثلاً لم يشارك هذا الموسم إلا في 7 مباريات فقط! وقبيل لقاء الهلال 12 لاعبًا يهجرون التمرين! فضلاً عما حدث من السهلاوي قبل لقاء الهلال، وما حدث من الفريدي وهزازي وغالب وغيرهم الكثير. ما يحدث في النصر حاليًا أمر لا يصدقه العقل، ولا يليق بفريق عريق، خدم الكرة السعودية، وصال وجال في الملاعب المحلية والخليجية والعالمية. مشكلات النصر الإدارية والمالية ليست جديدة، وتواضعه الفني ليس وليد هذا الموسم. مشكلة النصر الأخرى، وهي مشكلة (أزلية)، أنهم دائمًا ما كانوا يركزون على مراقبة الهلال ومحاولة إسقاطه، وفي النهاية هم من يتراجع والهلال يتقدم! ولو ركزوا كل هذا الجهد في إعلاء فريقهم لنجحوا. وكلنا يتذكر عندما كان فيصل بن تركي يركز داخل الملعب كيف تغير حال النصر، وأصبح ينافس، وعندما يخرج إلى مناوشة الهلال يتراجع فريقه! كل هذا الكلام عندما قلناه في الماضي، وفصلنا فيه في مقالات سابقة، لميعجب النصراويين حينها، واعتبروه تقليلاً بحق ناديهم وتعصبًا دافعه الغيرة! ولا أدري هل يقتنعون اليوم بحال فريقهم بعد كل ما حدث، وأنه بالفعل لم يعد، وأن الفريق يحتاج لعمل كبير وشاق لعودته، أم أنهم سيواصلون المكابرة كالعادة؟ للتاريخ أقول: رحم الله عبد الرحمن بن سعود رحمة واسعة وغفر له؛ فقد مات وسبابته مرفوعة، وهذا ما حدثني به إبراهيم الحلوة اللاعب السابق؛ إذ كان هو الذي غسله بنفسه. الخاتمة لبلال علام: (الهلال بمن حضر) لقطة نصراوية ** **