علاقتنا مع أمريكا إستراتيجية، مثلما وصف الرئيس ترامب زيارته للمملكة بالتاريخية، فالمملكة قوة نفطية، وقوة روحية، ومرجعية إسلامية، وهي من داعمي الأمن والسلام والتنمية في المنطقة، ومساهم رئيس وعقلاني في الاقتصاد الدولي، وعضو في قمة العشرين، ومنطقة جاذبة للاستثمار، وقبلة العالم الإسلامي، ويعلم الأمريكان قبل غيرهم أن المملكة محاربة للإرهاب، والتطرف الديني والأيديولوجي. هذه المعطيات تجعل المملكة مهمة لدول العالم، كما أن المملكة عملت على تنويع علاقاتها المتوازنة مع هذه الدول، حيث ظلت علاقاتها نظيفة معها، ولم يكتب على المملكة ما يسيء إليها، حتى أحداث 11 سبتمبر 2001م، ولم يكن للدولة ورموزها أي صلة بهذه الأحداث، ولهذا لم تخف المملكة نشر الصفحات ال 28 الخاصة بهذه الحادثة الإجرامية، ورغم محاولة البعض استغلالها، وتوظيفها للإساءة للمملكة وصورتها، وكذلك للإسلام، وللسنة على وجه التحديد. المملكة لها أدواتها المؤثرة إقليمياً ودولياً، ولديها أوراقها الفاعلة والرابحة، ومع ذلك تظل ممارسات المملكة أخلاقية دائماً، واستطاعت فترة الرئيس أوباما وإدارته التي كانت مخترقة من قبل اللوبي الإيراني، أن تمتص الصدمات، وأن تفوت على الآخرين الفرص، وأن تقنع إدارة أوباما بأن المملكة ليست في وارد التضحية بعلاقاتها الإستراتيجية مع أمريكا، حتى وإن كانت إدارة أوباما لا تعمل ضمن هذه الإستراتيجية. جاء انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكانت ثمة تحذيرات كبيرة منه، لكننا نرى بأن السيد ترامب صاحب قرار، وله معرفة بالدول وتعاملاتها، وأن ما قاله في فترة الانتخابات الأمريكية، ليس ما يقوله في فترته الرئاسية، وأنه يكن الاحترام والتقدير للمملكة، ولهذا كان تقدير الاستخبارات الأمريكية لسمو ولي العهد ومنحه جائزة التميز في مكافحة الإرهاب، وأيضاً كان تقدير الرئيس ترامب لسمو ولي ولي العهد واضحاً أثناء زيارته المفتاحية إلى واشنطن، والتي أثمرت بدعوته لزيارة المملكة كأول دولة يزورها خارجياً، حيث يدقق الرؤساء الأمريكان في اختياراتهم للدول التي يزورونها بداية عهدهم الرئاسي. فالزيارة سوف تدعم برنامجاً سعودياً أمريكياً جديداً يركز على الطاقة، والصناعة والتقنية الحديثة، والبنية التحتية والتكنولوجيا، حيث وعد الرئيس الأمريكي بتعزيز العلاقات الإستراتيجية بين السعودية وأمريكا على الأصعدة السياسية، والاقتصادية والعسكرية والأمنية، والثقافية والاجتماعية، وترسيخ مكانة المملكة في العمق العربي والإسلامي والدولي، وخاصة مع الولاياتالمتحدة الأميركية. فواشنطن تَعُدُّ المملكة قبلة المسلمين، وأقدس البقاع الإسلامية، وتسعى إلى بناء تعاون وتنسيق مشترك مع السعودية، والدول العربية والإسلامية لمحاربة التطرف والإرهاب والعنف، وبناء مستقبل أكثر عدلًا للجميع، حيث إن الزبارة تُعَدُّ رسالة واضحة، وقوية من الحكومة الأمريكية للعالم الإسلامي، ولا تحمل أي إساءة للعرب ولا للمسلمين، وستؤدي إلى تعزيز التعاون بين جميع الدول المحبة للسلام. وستشمل لقاء ثنائياً مع المملكة، ولقاء مع دول الخليج العربي، ولقاء يجمعه مع الدول العربية وإسلامية، والذي سيناقش فيها ملفات عدة أهمها العمل على حل مشكلة التطرف والإرهاب، وتجفيف منابعهم، ووقف تمويل المنظمات الإرهابية ومواجهة التأثير الإيراني في منطقة الخليج العربي، والشرق الأوسط ودول إفريقيا وزيادة التعاون الاقتصادي، والسياسي والأمني بين أمريكا ودول العالم الإسلامي. فأمريكا لن تملي على الآخرين طريقة الحياة التي يجب أن يسلكوها، بل إن الهدف من الزيارة هو بناء التعاون والتنسيق التجاري والاقتصادي والأمني، والسياسي مع الأصدقاء، وتحقيق الأمن والاستقرار في منطق الشرق الأوسط والعالم بأسره، ودعم تحالفات جديدة ضد التطرّف والإرهاب، والعمل مع السعودية لبناء مستقبل مشرق ومتسامح مع الجميع. كما أن زيارة الرئيس ترامب للمملكة سوف تدعم نجاح الرؤية السعودية 2030م، لأنه رجل أعمال ناجح في الأساس، ويدعم الفرص التجارية إلى جانب البحث في الملفات السياسية، والاقتصادية مع الرياض، وأيضاً تأكد الزيارة حرص الإدارة الأمريكية الجديدة على عودة العلاقات الأمريكية السعودية، وعقد صفقات جديدة بين الشركات السعودية والأمريكية، وهذا يتفق مع سياسة الاستثمار التي أقرتها الرؤية السعودية 2030م والتحول الاقتصادي 2020م. فالمملكة تتطلع إلى المستقبل، ومرحلة ما بعد النفط، حيث إن سمو ولي ولي العهد يقود الرؤية السعودية 2030م بكل اقتدار، ويعكف على رسم اقتصاد نامٍ ومتوازن للمملكة، وقادر على إدارة الميزانية دون الاعتماد على إيرادات النفط، وجعل السعودية تعمل بثقة نحو إصلاحات اقتصادية، واجتماعية وترفيهية، مما جعل المملكة منطقة جذب للاستثمارات الأجنبية، وخاصة الشركات الأميركية، والتي سوف تخلق الكثير من الوظائف للمواطنين. لذا، فإن الرياض ستجد في زيارة الرئيس الأمريكي تفاعلاً جاداً، وتأكيداً قوياً على عودة التحالف، والتعاون التاريخي السعودي الأمريكي، وتنمية للعلاقات الاقتصادية والسياسية الوثيقة بين الرياضوواشنطن، وتفعيل موقفهم المشترك ضد إيران التي تدعم وتأوي الإرهاب والإرهابيين في المنطقة، وسوف تجعل إدارة السيد ترامب أكثر قرباً للمصالح المشتركة بين السعودية، وأمريكا مما كانت عليه في عهد الرئيس السابق أوباما.