في الوقت الذي تبدو فيه الأمور واضحة حول كيفية معالجة ضريبة القيمة المضافة مع القطاع المصرفي التقليدي، تبدو الصورة عكس ذلك مع المنتجات الاستثنائية المنبثقة من الصيرفة الإسلامية. لعل أكثر المنتجات إثارة للجدل (والتي تستخدم على نطاق عريض مع الأفراد والشركات) هما منتجا الإجارة والمرابحة أو التورق (عقود سلعية). فعندما يحاول أحد الأفراد اقتراض مبلغ ما لشراء منزل فإنَّ البنك سيستعين بسلعة ما لكي يبيعها ويسلم متحصلاتها إلى المقترض. في هذه الحالة هل يتحمل المصرف الإسلامي أو الفرد ضريبة القيمة المضافة على هذه السلعة المباعة؟ هل الاقتراض بطريقة تقليدية (لا تستوجب بيع سلعة) يعد ارخص ؟ (وفي هذه الحالة ستتأثر أرباح البنوك الإسلامية). هل يا ترى تكون هناك ضريبة على هامش الربح المرافق للمنتج الإسلامي؟ كل هذه التساؤلات حول منتج التورق (الذي يستخدم مع القروض الإسلامية) سيتم الإجابة عنها في ثنايا هذه الزاوية. مثال على مرابحة السلع في الوقت الذي تضع دول الخليج تشريعاتها الخاصة بضريبة القيمة المضافة، تبرز على السطح بعض التحديات الفنية التي يحاول المراقبون إبرازها بين الفنية والأخرى. دعونا نستخدم المثال التالي لتبسيط التحديات التي تواجهنا مع «مرابحة السلع».. يريد أحد العملاء سيولة نقدية فيذهب لبنك إسلامي من أجل الحصول على قرض، يستخدم البنك منتج التورق الذي يتطلب أن يقوم البنك بشراء سلعة ما (الحديد) من البائع. ويقوم البنك بتسديد ثمنها فورا (وهو 100 ريال). يقوم البنك بعدها ببيع السلعة للعميل ب 105 ريالات. المرحلة الثالثة تتطلب أن يقوم مالك السلعة (العميل) بتوكيل البنك من أجل أن يقوم الأخير ببيع السلعة لبائع يختلف عن الأول بقيمة 100 ريال. ففي هذه الحالة عملية البيع تمت بشكل فوري وحصل العميل على النقد (الذي يحتوي على هامش ربح معلوم (5 ريالات) والذي سيسدد خلال فترة 6 أشهر. لاحظ أن سلعة الحديد قد تخلص العميل من ملكيتها. نأتي الآن إلى تحليل المعالجة الضريبية لهذا المنتج المصرفي. وهنا أستشهد بأبرز المتخصصين في الأمور الضريبية بصناعة المال الإسلامية وهو البريطاني محمد أمين، الذي سبق له العمل مع (PwC): «هناك 3 عمليات بيع للحديد. 1) البيع الأول كان بين مالك السلعة والبنك (100 ريال + 20 ريالا كضريبة القيمة المضافة). 2) تبعها قيام البنك ببيع سلعة الحديد ب 105 ريالات + 21 ريالا كضريبة القيمة المضافة (لاحظ أن البنك جعل العميل يدفع قيمة الضريبة المضافة (20 ريالا) مضافاً عليها ريال واحد). 3) يتبع ذلك قيام العميل ببيع سلعة الحديد بالسوق المفتوحة بقيمة 100 ريال. لاحظ أن المشتري لن يدفع قيمة الضريبة المضافة التي دفعها العميل للبنك (21 ريالا). الأمر الذي يجعل من تكلفة التورق مرتفعة مقارنة بالقروض التقليدية». استعرض أمين في دراسته بعض الدول التي عالجت مسألة الضريبة مع المنتجات الإسلامية. سأستشهد في هذه الزاوية بجنوب أفريقيا. بادئ ذي بدء، لا توجد ضريبة قيمة مضافة على هامش الربح (وهي 5 ريالات المضافة على القيمة الأصلية للسلعة وهي 100 ريال). ولكن العميل سيتحمل قيمة الضريبة المضافة على سلعة الحديد وهي 20 ريالا. إعفاء المنتجات الإسلامية نلاحظ أن القرض التقليدي لا يتطلب وجود سلعة ما، بعكس التورق الذي يجلب معه ضريبة باعتبار العميل يعامل وكأنه اشترى السلعة مباشرة من البائع. وهذا بالتأكيد يرفع التكلفة على العميل وقد يؤدي إلى عزوف الأفراد عن البنوك الإسلامية وهذا الأمر سيؤدي إلى تآكل أرباحها. من وجهة نظري يوجد حلان: الأول، هو أن تستهدف البنوك الإسلامية السلع التي سيتم إعفاؤها من ضريبة القيمة المضافة، بحيث يتم استخدامها مع مرابحات السلع. الحل الثاني يتمحور حول إعفاء منتجات البنوك الإسلامية من الضريبة على القيمة المضافة (وبذلك ستكون هناك مساواة مع القروض التقليدية). لاحظ أن صناعة المال الإسلامية تستحوذ على ثلثي التمويلات بالسعودية و40 في المئة بالكويت. وعليه فعلى السلطات الخليجية النظر بجدية في مسألة حصول تسوية ضريبية من أجل تحقيق المساواة لصالح البنوك الإسلامية مع نظيرتها التقليدية.