استأنفت دول مجلس التعاون الخليجي جميع مفاوضات التجارة الحرة التي تجريها مع دول العالم والمجموعات الاقتصادية الأخرى، بعد أن تم إيقافها خلال الفترة الماضية بهدف إعادة تقييمها في ضوء الأوضاع الاقتصادية على مستوى العالم وتحديداً الأزمة المالية الماضية، على أن لا تشمل هذه الخطوة إعادة مفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وأوضح ل«الجزيرة» الدكتور عبدالعزيز العويشق الأمين العام المساعد لشؤون السياسية والمفاوضات في أمانة مجلس التعاون، أن نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية لمفاوضات التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون والدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى أثبتت تغير الموازين الاقتصادية في ضوء الأوضاع الاقتصادية على مستوى العالم وتحديداً بعد الأزمة المالية بشكل إيجابي لصالح دول المجلس، الأمر الذي عزَّز الموقف التفاوضي الخليجي نحو الاستفادة من هذا الوضع الجديد، وأخذ ذلك في الحسبان عند إعادة هيكلة هذه المفاوضات. وأشار العويشق إلى أنه قد تم إعادة العروض الخليجية كافة مع تحسن الموفق التفاوضي، لافتاً إلى أنه بعد انتهاء دراسات تفاصيل المفاوضات ومراجعتها اتخذ القرار من قبل المجلس الوزاري الخليجي باستئناف المفاوضات بدون استثناء مع جميع الدول التي علقت معها سابقاً، «طبعاً ما عدا مفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي». ومن المعلوم أن الجانب الخليجي علّق مفاوضات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي نهاية عام 2008 نظراً لتمسك الجانب الأوروبي بآراء متشددة فيما يتعلّق برسوم الصادرات. ورغم أن المشاورات بين الجانبين مستمرة حول المسائل العالقة في اتفاقية التجارة الحرة وعلى وجه الخصوص فيما يتعلّق بموضوع رسوم الصادرات، إلا أن موقف دول المجلس لم يتغير بشأنها وقد تم إبلاغ الجانب الأوروبي بذلك، والتي ترى أن القيود التي أقترحها الأوروبيين غير مقبولة والمتمثلة بأن يكون هناك قيد زمني لفرض الرسوم على الصادرات بحيث يكون فرض الرسوم مؤقتاً ولمدة محددة بعدد السنوات، وأيضاً قيد كمي بحيث لا تتجاوز الرسوم نسبة معينة من حجم التجارة بين الجانبين، وكذلك أن يعطى الحق في حال فرض أحد الطرفين رسوماً على الصادرات للطرف الآخر بفرض إجراءات تعويضية، حيث تعتقد دول المجلس أن أي قيود تفرض على رسوم الصادرات يجب أن تكون منسجمة مع قواعد منظمة التجارة العالمية وتخضع لها، كما تقترح الاحتكام في هذه المسألة لهذه القواعد أيضاً، بمعنى أن يكون الالتزام بما تفرضه الآن أو مستقبلاً منظمة التجارة من قيود على رسوم الصادرات أو الحق في فرض رسوم، خاصة أن الجانبين عضوان فيها والجميع ملتزم بذلك. وأكد العويشق، أن دراسة الجدوى الاقتصادية لمفاوضات التجارة الحرة ركّزت على عدد من المحاور، أبرزها تحليل أوضاع جميع الشركاء التجاريين حول العالم لدول مجلس التعاون قبل وقوع الأزمة المالية العالمية وما بعدها في خطوة تستهدف معرفة التغيّرات التي أحدثتها هذه الأزمة على الموازين الاقتصادية بين دول الخليج وبقية دول العالم، وبالتالي كيفية الاستفادة من هذه المتغيِّرات في عملية المفاوضات وإعادة هيكلتها. وقال «بعد أن كانت جميع مفاوضات التجارة الحرة التي تجريها دول مجلس التعاون متوقفة مع دول العالم بهدف إعادة تقييمها وصلنا حالياً إلى مرحلة جديدة، ونأمل خلال الأشهر المقبلة في خروج إيجابي نحو توضيح آليات المرحلة المقبلة بعد استئناف هذه المفاوضات ووضوح الصورة بشكل أكبر بالنسبة إلى الدول ذات الفائدة من استمرار المفاوضات معها». ومعلوم أن دول الخليج تجري مباحثات عدة مع عدد من الدول والاتحادات الاقتصادية، بهدف إبرام اتفاقيات تجارة حرة، ومن بين هذه الدول: اليابان، كوريا الجنوبية، الهند، باكستان، روسيا، دول أمريكا الجنوبية «ميركسور»، نيوزيلاندا، أستراليا، وتايلاند. وأيضاً مع الاتحاد الأوروبي (معلقة من الجانب الخليجي)، الصين، تركيا، وكندا.