نعم، أنا جندرية، لأني لن أترجم إلا إبداع بنات جنسي.. تعالت في أعماقي الجندرية أكثر، والغضب، عندما قرأت مقالاً عن المرأة في الترجمة، وضعف وجود الأعمال المترجمة للكاتبات في العالم بشكل عام، حيث تمثل الاعمال المترجمة للكاتبات والتي ترجمتها مترجمات إلى اللغة الإنجليزية ثلث الأعمال المترجمة سنوياً، هذا الانخفاض الخطير في ترجمة الأعمال التي كتبتها الكاتبات بالمقابل مع ما يترجم للكتاب الذكور هو الذي أطلق وسم (المرأة في الترجمة) في عام 2014، والذي تحول بعد ذلك إلى فعالية سنوية تستمر لمدة شهر وخصص لها شهر أغسطس، ليسمى (شهر المرأة في الترجمة) وحمل وسما بذلك عبر تويتر. # Womenintranslation وحققت الفعالية نجاحاً كبيراً، وقد مثل موضوع (المرأة في الترجمة) أحد الموضوعات الحيوية احتفالية اليوم العالمي للترجمة 2016. وكان الهدف من الفعالية تشجيع وتعزيز النتاج الأدبي الذي تكتبه الكاتبات، ودعم ترجمته وزيادة الوعي بأهمية ترجمة أعمال الكاتبات لتحقيق توازن في سوق ومعارض الكتب، وهذا التوازن يؤثر في تنمية المجتمعات ثقافيا ويساهم في تنمية المرأة،كما يقدم إثراء للقارئ في التعرف على فكر الكاتبات من وجهة نظرهن الخاصة التي تتقاطع مع العالم وتعكس ملامح الحياة وكينونة النساء. طبعاً، كالعادة هناك، تفاعلت الجامعات والمراكز الثقافية الحكومية والخاصة والمكتبات ودور النشر مع الفعالية والتي اشتملت محاضرات وندوات وورش عمل ولقاءات مع كاتبات باحثات مترجمات وعاشقات القراءة ودور نشر، وتناولت تلك المحاضرات والندوات وسائل مواجهة الصعوبات التي تواجه المترجمات أو الكاتبات كما دعت إلى تشجيع الكاتبات على الكتابة والإنتاج الثقافي ودعمهن مادياً ومعنوياً، كما سلطت الضوء على الجوائز الأدبية التي تمنح للكاتبات والمترجمات معاً، وتدفقت آراء المترجمات ومنهن أستاذ الترجمة الأدبية بجامعة فلوريدا اتلانتك بيكا ماكي حيث اختصرت ما يجب أن تقوم به المترجمة (الاستمرارية في الترجمة والكتابة). بين كل ذلك تداعت لي عروض عدد من الزملاء (الذكور) بأن أترجم أعمالهم، ويدفعون لي ما أريد، كنت أنصت إليهم، وأبتسم، كنت في أعماقي غير مقتنعة بأن أترجم لهم، ما فائدة أن أترجم لكاتب أو شاعر!، فترجمتي لسرده أو شعره لن تثري تجربتي ككاتبة، وتبعدني عن طريقي وهو المرأة والأدب، فأنا قبل وبعد (انثى) والأولى أن أترجم لبنات جنسي، وأن أنقل رؤاهن التي تؤمن بالحياة والسلام إلى الآخرين، وكانت النتيجة أنني اتهمت بالجندرية، ولم أنزعج لأنني ممتلئة بوعي تام في هذه المسألة، فمن خلال قراءاتي في الكتب والتجارب الأجنبية تشكلت لدي الصورة واضحة فعندما نترجم نحن المترجمات للكاتبات من بنات جنسنا فإننا بفعلنا الثقافي هذا سنوثق فكرهن ورؤاهن وإنجازاتهن، ونبرز حقيقة إبداع النساء في مجال الآداب والذي لا يختلف عن إبداع الذكور بل يتجاوزه في أحياناً كثيرة، وبذلك لن يمحى إبداع كتبته النساء الكاتبات للأبد، فهنا (المترجمة) من ستكب تاريخ بنات جنسها وستكون أمينة وصادقة، ووحدها من ستظهر إبداعهن، وتتبع خطواتهن بمصداقية، وتلهم الأخريات القادمات إلى طريق الكتابة والفكر، فها هي الأكاديمية والباحثة س وسوزان ستيفز استطاعت أن تجعلني أعرف تاريخ كتابات الكاتبات البريطانيات في القرنين السابع والثامن عشر عبر كتابها* والذي يمثل منجزاً عظيماً يوثق إبداع الكاتبات البريطانيات، وقد فتح لي كتابها آفاقاً شاسعة نحو نفسي أيضاً ككاتبة، ونحو كتابات المرأة الممتلئة بروحها وكينونتها،وهمومها وطموحها. وبعد، أبتهج بجندريتي الباذخة والتي تجعلني أساهم في اتساع وجود إبداع المرأة الأدبي في المشهد الثقافي، والذي هو في الحقيقة وجودي، لكي يسمع العالم أصوات غنائنا وبكائنا.