صباح موجة بحر تسافر إلى أعماق العقل؛ لتحقن فيه عذوبة الغموض فيفند مبهمات الحياة بحجج لا يمتلكها سواه، تطرح أمامه أسئلة تكاد تخرج من صَدفة بيضاء صغيرة، يحملها الموج إلى الشاطئ الآخر، فيمسك بها الجهل، ثم تعود هاربة إلى مرتعها الساكن، تتدثر بالصبر، تنظر إلى صاحبها تحدق النظر فيه، ترتمي في أحضانه تصطحبه إلى عالم نفسه، تغلق كل الأنوار، وتترك مصباحًا واحدًا، تتردد في طرح نفسها عليه، تشرف روحه من شرفة الوجود على وادٍ سحيق، تحيط به جنة كبيرة لا تكاد تنظر آخرها، ألقته من الأعلى، سقط مغشيًا عليه، تجمعت حوله الأشجار أمسكته شجرة الياسمين أخذته إلى منبتها، أوقفته قليلًا زحفت إليه قطرة من بركة الماء، استيقظ من غفوته، نظر إلى خلفه وجد حثالة أحلام تسبح في صحراء واسعة، حاول أن يتماسك، التفت إلى جانبه داعبته الياسمين بأريجها وأجلسته على غصنها ثم قالت له: هذا مكانك ستزداد طولًا إذا رافقتني.