الدكتور حمد بن عبد العزيز الكوّاري المولود في 1 يناير 1948 في الغارية (قطر) دبلوماسي ورجل دولة ومثقف قطري. يشغل منصب وزير الثقافة والفنون والتراث لدولة قطر منذ 1 يوليو 2008. وقد عمل سفيرًا لقطر في الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا ولدى اليونسكو والأممالمتحدة. وهو متزوّج وأب لبنت وولدين. البدايات المهنية والدبلوماسية بدأ حمد الكوّاري مسيرته المهنية ما بين 1972 و 1974 في المجال الدبلوماسي في لبنان في منصب القائم بالأعمال. وعُيّن سفيرًا لقطر في سوريا (1974-1979) ثم في فرنسا (1979-1984). وقد شغل خلال هذه الفترة منصب السفير غير المقيم لدى اليونان، وإيطاليا، وإسبانيا، وسويسرا. ثم أصبح من 1984 إلى حدود 1990 مندوب دولة قطر لدى منظمة الأممالمتحدة، وكان في الفترة نفسها سفيرًا غير مقيم لدى الأرجنتين، والبرازيل، وكندا. في سنة 1990 عيّنته دولة قطر سفيرًا لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى حدود سنة 1992 وسفيرًا غير مقيم لدى المكسيك وفنزويلا. وزارات الثقافة عُيّن الدكتور حمد بن عبد العزيز الكوّاري سنة 1992 وزيرًا للإعلام والثقافة في قطر. وقد اتّخذ من 1992 إلى 1996 إجراءات لفائدة حرية الإعلام والصحافة واضعًا حدًا للرقابة التي شملت الصحافة والإصدارات، وصولاً إلى إغلاق وزارة الإعلام في قطر سنة 1997. وكان هذا الإجراء لفائدة حرية الإعلام منسجمًا مع مشاركته لاحقًا في تأسيس «مركز الدوحة لحرية الإعلام» سنة 2007. عُيّن وزيراً للثقافة والفنون والتراث في 1 يوليو 2008، وكان أوّل سياسيّ قطري يتقلّد الإشراف على الوزارة الجديدة. ترأس سنة 2010 المؤتمر السابع عشر لوزراء الثقافة العرب. وخلال فترة وزارته، اختيرت العاصمة القطريةالدوحة «عاصمة للثقافة العربية 2010». أسهم سنة 2012 في إطلاق مبادرة «السنوات الثقافية» الرامية إلى تمتين العلاقات وتكثيف المبادلات الثقافية بين قطر والدول الشريكة. الوظائف في المنظمات الدولية عندما كان سفيرًا لدولة قطر لدى فرنسا من 1979 إلى 1984، شغل الدكتور حمد الكوّاري مهمّة ممثّل دولة قطر لدى منظمة اليونسكو. وكان من سنة 1984 إلى 1990 المندوب الدائم لدولة قطر لدى منظمة الأممالمتحدة. وهي الفترة التي عُيّن فيها نائب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأربعين، ورئيس اللجنة السياسية الخاصة (اللجنة الرابعة) في دورتها الثانية والأربعين. في سنة 1987، انتُخب في الأممالمتحدة نائب الرئيس للجنة مناهضة التمييز العنصري وعضو مجلس إدارة لإحياء ذكرى داغ هامرشولد. كما مثّل دولة قطر في حركة عدم الانحياز. وكان من سنة 1997 إلى 2004 عضو اللجنة الاستشارية لمجلس التعاون لدول الخليج العربي. في حديثه أكد الكواري أن هذا الترشيح يمنح فرصة تاريخية للمتطلّعين إلى غد أفضل في سائر الدّول النّامية التي تهفو شعوبها إلى التقدّم، وهو اختبار أيضاً للدّول المتقدّمة حتّى تعبّر عن صدقيّة مضامين إيمانها بالتنوّع وقبول الآخر لأجل تحقيق تكافؤ الفرص في قيادة المنظّمة. ولعلّ إدارة عربي لهذه المنظّمة العتيدة من شأنه أن يمنح الإنسانيّة أملاً جديداً في التقارب والتقدّم، ويعطي الشّعارات البرّاقة وهجاً حقيقيّاً. إعادة اليونسكو لبناء جديد لمفهوم راسخ داخل العقول «اليونسكو» تواجه تحديات عالميّة كثيرة تعكس ضرورة بثّ دم جديد في عروقها كي تتصدّى لهذه التحديات، مشيراً إلى أنّ الأيادي الآثمة التي دمّرت صروحاً من تراث الإنسانيّة في العراقوسوريا وليبيا وأفغانستان واليمن هي نتاج منظومة تعليميّة فشلت في إنتاج عقول خيّرة ومواطنين صالحين، مؤكداً أنّ التّعليم هو خير وسيلة للتّصدّي لهذا النّزوع الإجرامي. أهداف رئيسية ثابتة إنّ رؤيتنا وبرنامجنا لهذا المثلّث التّكويني (التربية، العلوم والثقافة) لتحقيق رسالة اليونسكو لا يمكن تجسيمها إلاّ بفضل أدوات مجدّدة، فأيّاً كانت الأسر فقيرة أم غنيّة فإنّها تسعى لتعليم أبنائها، حيث يشكّل التّعليم غاية الغايات وأعلى الأولويّات لدى الشّعوب والأمم فيه ترتقي الإنسانيّة وتتقدّم. وإذا كان هناك أكثر من 58 مليون طفل في العالم خارج المدرسة، فيعني ذلك وجود وضع مؤلم يُجبرنا على التصدّي له وتغييره. ولا شكّ أنّني في هذا المقام أعتزّ بتجربة بلادي في إطلاق المبادرات وتنفيذها وهي مبادرات «التّعليم فوق الجميع» و«القمّة العالميّة للابتكار» و«علّم طفلاً» التي ساهمت في توفير التّعليم وتنمية ثقافة السّلم، ولنا في مبادرة «علّم طفلاً» خير دليل على نجاح تأمين التّعليم لأكثر من 10 ملايين طفل في العالم من جملة ملايين الأطفال المحرومين من التّعليم. اللغة العربية تساءل الكواري: إلى أي حد يمكن أن يكون الاحتكاك بلغات مختلفة مفيدًا أو مؤذيًا للغتنا وإلى أي حد يمكن أن يكون تعايش كل هذه الثقافات مفيدًا أو مؤذيًا لثقافتنا؟ وكيف السبيل إلى تقليل المخاطر؟ وقال: الأمر يتطلب أولاً وقبل كل شيء اعتزازًا بلغتنا وحرصًا على مكانتها بين لغات العالم. وأشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت قرارًا عام 1973 بإضافة العربية إلى اللغات الرسمية: الصينية، الفرنسية، الإسبانية، الروسية، والإنجليزية. وكان هذا إنجازًا تاريخيًا للعرب بذلوا في سبيله جهودًا وأموالاً. وفي عام 1980 توّج هذا الإنجاز باعتماد العربية لغة رسمية في كل لجان وفروع الجمعية العامة، وفي عام 1982 أصبحت العربية لغة رسمية في مجلس الأمن. لكن شيئًا فشيئًا بدأ كثير من العرب يتخلون عن هذا المكسب ولا يطالبون بتعميم العربية في الوثائق مما خلق حالة من التراخي أضعفت الإنجاز. وأكد د. حمد الكواري الدور المطلوب من مجامع اللغة العربية في العمل على حثّ الحكومات على ضرورة تمسك مندوبيها باللغة العربية وإعادة إحياء الإنجاز التاريخي الذي حققته لغتُنا وعدم التفريط فيه. نحن قادرون على الحوار وقال حمد الكواري إن لديه إيماناً عميقاً بأنّ «الدّبلوماسيّة الثقافيّة» اليوم هي الطّريق الأمثل لتحقيق السّلام، فالثقافة أفضل وسيلة لنشر القيم المشتركة التي تتعالى عن ضيق الأفق والجمود الذي يلفّ فئات مختلفة في العالم، ولنا في تاريخنا الإنساني المشترك خير حجّة على مدى نفاذ الثقافة في إحداث التّقارب بين الشّعوب، حتّى عُدّت القوّة النّاعمة. ولئن أوْلت منظّمة اليونسكو أولويّة هامّة للثقافة فربطتها بالتّنمية في إطار تكوين رؤية عالميّة تعبّر عن القيم بلغة مشتركة، فإنّنا نلاحظ انخفاض مستوى الحوار بين الثقافات وانحسار مساحة التّسامح الذي يمثّل شرطاً أساسيّاً في التّعايش بين الأمم على اختلافها. حضارة الإنسانية دمرت في كثير من دول العالم ومن أهدافي بناء الحضارات وإعادتها من جديد إذ إننا نعيش تحت وقع أعمال التّخريب للمعالم الأثريّة ونرقب النّوايا المعلنة لدعاة العنف والكراهيّة بتدمير المزيد من المواقع والمتاحف بمسوّغات تتعارض مع القيم الإنسانيّة المشتركة وتهدّد الذّاكرة الإنسانيّة. ولعلّ ما وقع في سورياوالعراق وليبيا خير شاهد على هذه الجرائم. وبقدر ما كان تحرّك منظّمة اليونسكو سريعاً فإنّه يحتاج إلى وضع تشريعات دقيقة لحماية مواقع التراث العالمي وتحسيس المنظّمات الأهليّة بضرورة حماية هذه المواقع لأنّها لا تمثّل الدّول بقدر ما تمثّل الذّاكرة المشتركة للإنسانيّة. منظمة قائمة يجب أن يكون السلام في العقول اليونسكو وإذا كنّا ندعو إلى إشاعة ثقافة السلام، فإنّنا نحتاج اليوم إلى تفعيل الحوار بين الثقافات على أساس حقوق الإنسان وتقدير الخصوصيّات الثقافيّة حتّى لا نُحيي التّعصّب الأهوج، فلا تُبعث النّزاعات وثقافة الحروب من جديد. ولا يمكن للثقافة أن تبقى معزولة عن التنمية في أبعادها المختلفة، ناهيك أنّ الاهتمام بالصناعات الثقافيّة هي السبيل إلى كسب القيمة المضافة للثقافة وتعزيز التنمية خاصّة لدى الشّعوب التي يكتسحها الفقر أو المناطق المهمّشة ومنها الدّول الجزيريّة، إذ تسهم الصناعات الثقافيّة في القضاء على الفقر وإحلال التّماسك الاجتماعي. أدوات الإنجاز وقال الكواري إن اليونسكو تمتلك رصيداً هائلاً من المبادرات التي تحتاج إلى تجديد، غير أنّ هذه المبادرات ترتهن حتماً بوجود إدارة رشيدة وتقتضي نمطاً من الشفافيّة الرّفيعة. ولا يمكن لتحقيق الرّؤية دون الاعتماد على مقاربة جديدة في التّسيير بالاستناد على ثمار التّقنيات الحديثة حيث سنعمل على استغلال أفضل للموارد البشريّة والماليّة. ولأنّنا نؤمن بالدّور الجوهري للمنظّمات الأهليّة والمدنيّة فإنّنا سنسعى إلى إقناع هذه المنظّمات كي تلعب دورها الحقيقي في معاضدة مشاريع اليونسكو لأنّ أهدافنا مشتركة وغاياتنا واحدة فكيف يعمل كلّ طرف بمفرده في حين أنّ خبراتنا المشتركة وجهدنا المشترك هو السبيل الوحيد لتجسيم المبادئ والقيم الواحدة. ولعلّ تشتّت الجهود ووفرة المشاريع دون تنسيق يُذكر هو الذي لا يساعد على تحقيق المأمول بسرعة فائقة، ولا يمنح الثقة للمواطنين بالجدوى المطلوبة. واختتم الكواري حديثه بالتأكيد على سعيه لبناء «جيل اليونسكو» الذي يعتبر الثّقافة بوصلته في سياق فشل السياسات وشيوع اليأس والإحباط في رقاع عديدة من العالم. فالأمل يُغرس كبذرةٍ في العقول الحيّة والمتطلّعة بحماستها إلى تغيير صورة العالم نحو الأفضل. وليس أفضل من الشباب ليحمل هذه البذرة، وهي عبارة عن مشعل يسلّمه الجيل الخيّر إلى الأجيال القادمة وهذا لن يرى النّور من دون تجسيم انطلاقة جديدة لليونسكو.