يحدث أمام دول العالم حالياً متغيران مهمان، التحالفات الجيوستراتيجية تتبدل بشكل غير متوقع، وعشرات الآلاف من الإرهابيين سوف يفرون من العراق وسوريا بحثاً عن ملاذات آمنة، وثمة دولة مذهبية سوف تنكفئ من العراق وسوريا ولبنان إلى داخلها، لكنها سوف تستمر في محاولة تصدير ثورتها إلى أي خاصرة رخوة في دول الجوار. خلال العام المنصرم 2016م تشكلت تحالفات دفاعية واقتصادية لم تكن تخطر على بال أي سياسي مخضرم، لأنها تتناقض مع التحالفات القديمة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولأن مكوناتها وانتماءاتها الحضارية تحمل في طياتها من التناقضات ما هو أكبر بكثير من المتوافقات. العقول في هذا العصر الخطر بتقنياته التدميرية والمعلوماتية تحولت إلى تحكيم المصالح قبل العواطف، وربما أن صفحات جديدة من تاريخ البشرية فتحت. روسيا تتقارب بسرعة نحو تركياوإيران في آن واحد، وأذربيجان الواقعة بين إيرانوتركياوروسيا تتقارب مع إسرائيل ولو من دون ضجيج. مصر والجزائر تحاولان طلب القرب مع روسيا والولايات المتحدةالأمريكية معاً رغم ما يبدو عليه الأمر من غرابة. لكن ما علينا من الآخرين، وعلينا أولاً من الأحوال في جزيرة العرب، أي منظومة مجلس دول التعاون واليمن، وفي اللحظة الحاضرة تهمنا الشقيقة سلطنة عمان. عمان مكون تاريخي في منظومة مجلس التعاون الخليجي العربي، عدا فيما يخص التكامل العسكري الدفاعي. عمان لم تكن حتى يوم الخميس الماضي جزءاً مكملاً من التحالف الإسلامي ضد الإرهاب العالمي، الآن قررت عمان أن تنضم إلى التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، وأتوقع أن ذلك سوف يكون مقدمة لاكتمال الجناح الشرقي لجزيرة العرب بانضمام عمان إلى التكامل الدفاعي العسكري مع الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي. الدفاع الإسلامي ضد الإرهاب كان مكشوفاً من ناحية الجناح الجنوبي الشرقي لجزيرة العرب، والأمن العربي الخليجي كان ناقصاً للسبب نفسه. جناح الجزيرة العربية الشرقي كان ينقصه الريش العماني لينفرد ويحلق، والشقيقة عمان هي بمنزلة الوسط لهذا الجناح. أتوقع أن سلطنة عمان التي تفضل سياسة التوازنات الهادئة اقتنعت مع المتغيرات الجيوستراتيجية الجديدة واحتمال تبعثر الإرهاب العالمي بحثاً عن ملاذات آمنة، أصبحت على قناعة بضرورة الاستفادة والإفادة من ومع التكتلات الأقرب والأهم، وعمان الشقيقة معروفة تاريخياً بحسن الاختيار في اللحظة المناسبة. أصبحت فرضية الحياد والبقاء بمأمن من الأمنيات الطوباوية التي لا تصمد أمام واقع التكتلات المصلحية التي تتشكل أمام الدول، وكذلك أمام خلايا الإرهاب التي سوف تتبعثر من العراق وسوريا لالتقاط الأنفاس. مرحباًً بالشقيقة عمان مكملاً للتحالف الإسلامي ضد الإرهاب واصطفافاً أمنياًً أساسياً في الجناح الشرقي لجزيرة العرب.