فقدت معظم الدول ومنها دول كبرى وذات قدرات أمنية متقدمة السيطرة على الإرهابيين ولم تعد قادرة على إحباط العمليات الإرهابية، أمس الأول تعرضت ثلاث دول معروفة بتفوق أجهزتها الأمنية لعمليات إرهابية دامية، فتركيا اغتيل في عاصمتها أنقرة سفير روسيا، والمصيبة أن الاغتيال تم على يد ضابط أمن من قوة مكافحة الإرهاب، أما في ألمانيا فقد قام إرهابي بدعس مواطنين ألمان كانوا يتسوقون في مكان مخصص لشراء هدايا عيد الميلاد، مما تسبب في مقتل عدد منهم وإصابة أضعافهم بجروح، وفي الأردن نفذت جماعة إرهابية عملية إجرامية استهدفت قلعة الكرك التاريخية واحتجزت عدداً من السياح، مما أدى إلى مصرع عشرة قتلى و34 جريحاً معظمهم من قوات الدرك الجهاز الأمني القوي في الأردن. ثلاث عمليات إرهابية في يوم واحد جميعها تمت على أراضي دول عُرفت بقدرة أجهزتها الأمنية، مما يؤكد خطورة الجماعات الإرهابية التي لا يمكن أن تنجح في تجاوز احتياطات وقدرات الأجهزة الأمنية في معظم الدول لولا الدعم الذي تقدمه أنظمة ودول توظف الإرهاب لتحقيق أجنداتها السياسية والطائفية، والخطورة أن الجماعات الإرهابية اخترقت الأجهزة الأمنية نفسها مثلما حصل في حادث اغتيال السفير الروسي في أنقرة، فالقاتل الذي اغتال السفير الروسي أندريه كارلوف في أنقرة، أثناء حضوره معرضاً للصور، ضابط أمن من جهاز مكافحة الشغب التابع لقوة التصدي للإرهاب، استغل وظيفته والشارة الأمنية المزود بها والسلاح المسلم له لحماية المسؤولين والسفراء والمدنيين من الإرهابيين، ليقوم هو بقتل من كان يفترض أن يحميه، ومهما كان المبرر والأسباب التي دفعت ذلك الضابط لارتكاب هذه الجريمة النكراء، فهو عمل مرفوض وغير مبرر البتة، خصوصاً أن السفير يمثل بلاده سياسياً، وهو مدني غير مسؤول عن الأعمال العسكرية التي تقوم بها قوات بلاده في سوريا، ومثل ذلك عمل الإرهابي الذي اغتال السفير الروسي، سيعزز إجراءات مواجهة ما يجري في سوريا، ويخلط الأوراق بين الثوار الحقيقيين الذين يقاومون نظام بشار والقوات المساندة له ويساويهم بالجماعات الإرهابية التي شوّهت سمعة الثورة السورية ودفعت بعض الدول إلى دعم ومساندة نظام بشار الأسد، وفي كل الأحوال فإن التعرض للسفراء واغتيالهم يعد جرماً مضاعفاً ومرفوضاً من الجميع بما فيهم من يؤيدون الثورة السورية؛ لأن مثل هذه الأعمال تشوّه الثورة وتزيد من أعدائها وتضعف موقف مؤيديها. أما من أقدم على دعس المتسوقين في ألمانيا فحتماً سيزيد من مساحة غضب الألمان الذين فتحوا بلادهم للاجئين، وبدلاً من أن يشكر ذلك الإرهابي المجرم المعتوه أهل ذلك البلد يرتكب جريمة قتلهم قبل التمتع بأعيادهم. في حين تمثل جريمة الخلية الإرهابية في الكرك واحدة من الجرائم المنظمة التي تقوم بها الجماعات الإرهابية وفق المخطط الموضوع لهذه الجماعات التي ما وُجدت إلا لتدمير أمن واستقرار الدول ونشر الإرهاب لفرض أفكار شاذة؛ خدمة لمخططات أعداء الأمة.