سيرته أشبه بمعادلة رياضية في علم التفاضل والتكامل ومسيرته تتقارب مع اعتدال مهيب في تساوي القدرات وتنوع المهارات وإرثه يعدل نتاج مجموعة أدباء وفريق مختصين وقائمة شعراء شخص منفرد لا يقبل القسمة على اثنين لذا كان إرثه بمثابة «تراث يقبل عليه الباحثون عن الأدب»، «وميراث ينتظره اللاهثون وراء المعرفة». إنه رجل الدولة والأديب والشاعر الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله- اسم وطني يحمل صفة «الملوك» وسمة «المؤسسين« وبصمة «الخالدين» في الذاكرة. ظاهرة شعرية لامست الوجدان وتظاهرة بشرية اعتلت العنان فكان «حديث مجالس الأدباء» و»عنواناً جائلاً بين أذهان الشعراء» ومثّل بحثاً بشرياً جادت بقراءته «الكتب» وصادت ذائقة الملهمين بالشعر قصائدة وكلماته فوجدت فيها متوناً تمطر أدباً وشؤوناً تقطر حباً.. في مكة عشقه «التليد» التي سابق فيها أقرانه نال من مدارسها الشهادة الابتدائية وكان من أوائل المتعلمين في الوطن ومنح بعد عقود الدكتوراه الفخرية من أمريكا. بعينين براقتين هي أكبر علامات «الشبه الوجداني والروحي والشكلي مع والده الفيصل «ووجه تملأه علامات» الشيب «وسحنات» الأديب «وملكات تتشابه مع كاريزما الملوك» اقتبست من والده العدل والفضل واتسمت من أخواله «آل السديري» الوطنية والمهنية وبصوت ينضخ «شعوراً» وينضج «شعراً» تعلوه نبرة «الفنان» وعبرة «الإنسان» يطل عبدالله الفيصل رمزاً للأدب السعودي وعزاً لقامة شاعر ظل مكانه «شاغراً» في كل المقامات التي ملأها الفيصل أدباً وإنجازاً ونظاماً ومنظومة عمل. كان عبدالله الفيصل ساعة زمنية بشرية ترصد الوقت لإشباع غرور القراءة في اللغة والتاريخ والسياسة والأدب.. كانت بوصلة اهتمامه تتجه للشعر؛ فقرأ لعتاولة الشعر الجاهلي والإسلامي والحديث فسبر أغوار مفردات الشعر لطرفة بن العبد والنابغة الذبياني وامرئ القيس وعنترة وعمر بن أبي ربيعة والمتنبي وإبراهيم ناجي وأحمد شوقي وعلي محمود طه وبدوي الجبل وعمر أبو ريشة. كان من أوائل الأحفاد الذين صنعوا الأمجاد في الأسرة المالكة منذ الأربعينات الميلادية عندما عيّنه الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وكيلاً لنائبه في الحجاز، وكان يراقب مشروعات الحرمين وهي تنمو في ذاكرته الشابة، وبعد اكتشاف ملامح «الريادة والقيادة» في عمله وفكره تم تعيينه وزيراً للداخلية والصحة عام 1950 ثم تفرّغ بعدها للداخلية، ثم اتجه بعدها للأعمال الحرة والقراءة والاطلاع.. رافق والده الملك فيصل -رحمه الله- في العديد من المؤتمرات الدولية فتشرب صناعة «الفارق» وحياكة «الإنجاز». للأمير دور بارز في النهوض وتأسيس الحركة الرياضية في السعودية بدءاً من عام 1952، والذي شهد إقامة أول دوري لكرة القدم بالمملكة، على كأسه في المنطقة الغربية، وساهم في عام 1954 بتأسيس الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم وبجهوده تم اعتماد بلاده رسمياً كعضو أساسي ال(فيفا) عام 1955، ثم قبولها عضواً رسمياً عام 1956. كما عمل على اعتماد ثلاث بطولات لكرة القدم السعودية، أبرزها كأس الملك وكأس ولي العهد.. يعد داعماً رئيسياً للنادي الأهلي السعودي إضافة لدوره الاجتماعي للنهوض بكرة القدم السعودية. فقد كان يتجول بسيارته في أحياء مدينة جدةومكة لمشاهدة مواهب الأحياء ليتبناها معنوياً ومادياً تفرغ لأعماله الخاصة (التجارية) منذ عهد والده؛ حيث أسس مجموعة الفيصلية التي تعمل في عدة مجالات. من أكبر شعراء الفصحى والنبطي للأغنية العربية، حيث تغنى بقصائده العديد من نجوم الغناء العربي والخليجي مثل أم كلثوم ونجاة الصغيرة وعزيزة جلال وعبادي الجوهر وعبدالحليم حافظ, فايزه أحمد، طلال مدّاح ومحمد عبده (مغني) ومحمد عُمر وخالد عبدالرحمن وعبدالكريم عبدالقادر, فهد بن سعيد ونبيل شعيل وغيرهم وللأمير الراحل عدة دواوين مطبوعة في الشعر الفصيح والنبطي وهي (وحي الحرمان) و(قصائد فصحى) و(حديث قلب) (قصائد فصحى) ترجم إلى الإنجليزية والفرنسية والروسية و(مشاعري) وديوان وحي الحروف، وديوان خريف العمر. جادت قريحته بعشرات القصائد الفصحى والنبطية ولعل أشهرها «ثورة الشك ومن أجل عينيك والا واشيب عيني وحيرة وطلائع خريف واراك وهل تذكرين ومن يسد بمكانة» وغيرها. كان يشجع الأدب والمثقفين والشعراء من خلال صالونه الأدبي وتهافت الباحثين والنقاد على دراسة شعره وأدبه وأثره في صحف ودوريات ورسائل جامعية، وكان من أبرزهم طه حسين، والدكتور أحمد كمال ذكي، والدكتور حسن الهويمل والدكتور سعد ظلام والدكتور صابر عبد الدايم.. إضافة إلى عدة رسائل دراسات عليا نوقشت وبحثت شعره في عدد من الجامعات العربية والعالمية كان وسيظل الأمير الراحل فارساً للقصيدة ونبراساً للكلمة حيث جادت كلماته «أغنيات «كان مكمناً للأمل ومعلماً للأمنية ومطمعاً للعاطفة فمثلت قصائدة «مهرجانات» جائلة تتمخطر أمسيات وتتخاطر أمنيات. رحل الأمير عام 2007 وترجل تاركاً وراءه العطاء وخلفه إرثاً وطنياً وأدبياً لا يشبه إلا صاحبه ولا يتشابه إلا مع قامته بعد أن وقف عقوداً على ناصية الكبار وفي منصات الاقتدار في مجالات المسؤولية الوطنية والإنسانية والشعر والرياضة.