خيام أخرى من غير قصائد نزار قباني التي اعتادها كاظم الساهر قام بنصبها لنا في ألبومه الجديد «لا تزيديه لوعة»، بمعنى آخر خرج كاظم «الفنان الكبير.. بلا مراء» بتوليفة جديدة من الفصحى كانت أولى اختياراته فيها لقصيدة بدر شاكر السياب لا تزيديه لوعة التي قام بتلحينها بنفسه، كما كان متصديا لتلحين جميع أغنيات الألبوم ماعدا أغنيات ثلاثا هي «سيدي المحترم» كلمات الأمير الشاعر محمد العبدالله الفيصل و«السور» كلمات الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، والأغنيتان سبق لنا خلال فترة إعداد الألبوم الإشارة إليهما بتفاصيل وافية وهي من ألحان محمد شفيق، إلى جانب أغنية ثالثة من أشعار حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم المعروف ب «فزاع»، وهذا العمل من ألحان فايز السعيد، هذه الأعمال الثلاثة فقط، أما الأغنيات العشر الأخرى فهي من ألحان كاظم نفسه. في عودة لأغنيات القصائد في الألبوم نرى أن اختيار كاظم لتلحين السياب واختيار الدكتور فتح الله أحمد تحديدا لتوزيعها موسيقيا كان فيه كثير من الجمال والخطوات الاستعادية لإبداعات الذي كان قد لحن له «أنشودة المطر» منذ نحو 20 عاما مضت، يقول مطلع قصيدة السياب التي اختار كاظم لها إيقاع «الصوت» مما أضفى لها الأجواء الشعبية القريبة من الوجدان، ناهيك عن استخدامه همهمات النهامين ورجال الخليج والبحر وهم ذاهبون أو عائدون من رحلات صيد اللؤلؤ في المتن الموسيقي لمدخل اللحن لتعيش معه كمستمع جو الخليج وإيقاعاته: لا تزيديه لوعة . . واسمعيه إذا اشتكى ساعة البين وخاف الرحيل يوم اللقاء الوداع الحزين الوداع الحزين شدي ذراعيك عليه على الأسى والشقاء لا تزيديه لوعة فهو يلقاك لينسى لديك بعض اكتئابه قربي مقلتيك من وجهه الذاوي تري في الشحوب سر انتحابه وانظري في جبينه صرخة اليأس وأيام غابر من شبابه ومن اختياراته المجنونة إبداعا في هذا الألبوم من أدب الدكتورة الشابة حنين عمر، تقديمه لتلك الشاعرة النصفها جزائري ونصفها الآخر عراقي تلك الهائمة على وجهها في مطارات الأرض؛ باحثة عن مواطن الإبداع وليس عن وطن لجبينها، كما يقول نزار فوطنيها وأرض الوالد والوالدة تتسعان لجبين حنين، كان العمل «ماذا بعد؟ »ويقول مطلعه: سكين غدرك في الحشا تتربع سلمت يداك بقدر ما اتوجع حذرت قلبي من هواك وناره لكن قلبي لا يرى أو يسمع في هذه الأغنية إيقاع القصيدة والمفردة تبدو كلاسيكية نمطية وكأنها من قصائد «طرق وجرس» الأمس يدعم تلك الفكرة اختيار الفردة العادية في رسم الصورة الشعرية، الأمر الذي يشير إلى اكتناز كبير في دواخل الشاعرة لأدوات اللغة الشعرية. وباللغة البيضاء بين الفصحى والفصحى «أعني ما أقول» كون البياض هنا فصحى فصحى وفصحى عامية في أغنية «خلاص اليوم» لداوود الغنام كانت الأغنية لوحة تعيش حالمة في جو رومانسي موسيقي مختلف عن أجواء كاظم المعتادة حتى في الرومانسي، ويقول المطلع هنا: خلاص اليوم أريد أضع نهاية وحد لمأساتي خلاص اليوم أقول بلا أسف كل اعترافاتي شعوري أنت تجاهلته حنيني بالرخص بعته غلط والله غلط وإياك وفي شعبياته المعتادة بالإيقاع العراقي الناحب الراقص، قدم كاظم الساهر أغنيته التي لحنها وكتب كلماتها «ما أحب» يقول: ما أريدك بعد روح ما أحبك بعد روح ما شيلك وسط عيني بس بالقلب والروح ما المسك ولا لمسة ولا أهمسك ولا همسة لسه ما شفت لسه شو مخبيتلك الروح تلاحظ عزيزي القارى شفافية النص في الأغنية وبساطته في عتاب المحبوب والعتب والتهديد والوعيد، حتى إن الكاظمين السعدي والساهر اللذين بدآ مشوار الأغنية مع انطلاقة الثاني معا بدآ الأغنية الأولى «يا بو عيون السود» في الألبوم وهي لوحة شعبية في نصها وفي لحنها، إلا أن الإعداد تضمن أيضا تمهيدا معروفا بالفصحى «والله ما طلعت شمس ولا غربت إلا وحبك مقرون بأنفاسي... ولا جلست إلى قوم أحدثهم إلا وأنت حديثي بين جلاسي».