في ثقافة مؤسسات الأعمال ثمة حقيقة لاجدال حولها، أن الأزمات التي تشكل منعطفا لصناعة ما لا يمكن التعاطي معها من خلال حلول تقليدية أو إجراءات محدودة في إطار شركة أو مؤسسة ما، بل إن خطط التحول التقليدية في إصلاح الشركات (Tunraround) قد تصبح غير فاعلة دون قراءة وتحليل واقع وتحديات الصناعة والدفع بمعالجتها بشكل جذري مع جميع الأطراف الفاعلة داخل الصناعة، وقد استوقفتني خلال الأسبوع الحالي سلسة مقالات الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير هذه الصحيفة والتي تضمنت تشريحا دقيقا لواقع صناعة الصحف في المملكة من خلال خبرة متراكمة لعقود طويلة. الأستاذ خالد المالك من خلال موقعه الحالي في رئاسة هيئة الصحفيين السعوديين وهي المظلة المهنية الأهلية للمنتمين الى العمل الصحفي قد علق في نظري الجرس ليقرع بصوت عال أمام جميع الجهات الفاعلة التي تؤثر وتتأثر بالمشهد الصحفي، فالمؤسسات الصحفية أمام منعطف تاريخي، فتسارع التغير والتطور في صناعة الإعلام أفرز واقعا جديدا، للأسف أن المؤسسات الصحفية الكبرى نفسها ساهمت في خلقه بتفويت الفرصة في زمن الطفرات بخلق كيانات تملك المرونة والمناورة وقت الأزمات، بالإضافة إلى غيابها عن الاستثمار الحقيقي المهني في وسائل الإعلام الجديد المتجدد، لكن إصلاح وإنقاذ المؤسسات الصحفية اليوم يمثل في نظري أهمية وأولوية قصوى في ظل التحديات الإعلامية التي تواجهها المملكة، فالصحف اليومية الورقية ما تزال الأقدر في تمثيل الخطاب الإعلامي التنموي النقدي الذي لا يبرز الإنجازات فحسب بل يقيمها ويصوب الخلل في مسار التنمية - رغم ما يعتريها من ضعف وقصور في هذا الجانب - مقارنة بالطوفان الهادر من صحافة الفضاء التي تكشف عن فوضى باتت تضر أكثر مما تنفع. أعتقد أن سلسة مقالات رئيس هيئة الصحفيين الأستاذ خالد المالك تستلزم تبني وزارة الثقافة والإعلام لورشة عمل متخصصة تجمع الصحفيين وملاك الصحف وأطرافا متأثرة ومؤثرة أخرى تنتج خارطة طريق لمواجهة سيناريوهات محتملة قد نصحو على صباحها يوما فنجد الصحف جميعها قد توقفت عن الصدور لأنها لاتغطي حتى عشر تكاليفها!!