من الأشياء التي نندم عليها أشد الندم ونحن على أرض تهتز تحت أقدامنا أننا لم نكن مكترثين بالقدر الكافي، وأننا لم نمض في أخذ الاحتياطات بالشكل المطلوب، لهذا الظرف الطارئ من الكوارث الطبيعية مثل الزلازل. وإعادة النظر بالبنية التحية لمنشآتنا المخالفة لاشتراطات السلامة وسبل الحماية، ولم يتم تصميم مبانٍ لمقاومة الزلازل والواقع الحالي يخبر بأن المواصفات لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار. النشاط الزلزالي الذي تشهده منطقتنا يوجب اتخاذ الاحتياطات وفق أعلى المعدلات، فقد شاهدنا ما حدث في اليابان منذ فترة زمنية ليست بعيدة، ومن جهة أخرى قال الأستاذ الدكتور حيدر بكر أستاذ الجيوفيزياء التطبيقية في قسم الجيولوجيا بجامعة الإمارات: «إن منطقة الخليج هي نقطة التقاء الصفيحة العربية والصفيحة اليروآسيوية، وخط التقاء الصفيحتين يتمثل بامتداد جبال زاغروس في إيران. وإن الصفيحة العربية التكتونية في حركة دائمة باتجاه الصفيحة الأخرى بحيث تغطس تحتها. أضف إلى ذلك أن أغلب المباني القديمة من الطوب أو الحجر، وهي بلا شك أكثر النظم الإنشائية عرضة للتأثر بالزلازل، وأخطاره بالمقارنة بالمباني الخرسانية أو المعدنية». وكتب بعض خبراء الزلازل: إن مؤشرات قوية لحدوث زلزال مدمر يؤثر في دول الخليج، كما توقعوا أيضاً بزلزال جديد يضرب وسط إيطاليا شمال روما بعد سلسلة زلازل ضربت المنطقة في الأسابيع الأخيرة، وخلفت مئات القتلى والجرحى، وآلاف المتضررين. ومن المفارقات الغريبة التي تزاحم التفسيرات العلمية للزلازل في تلك المنطقة، إلا أن هناك من يروج لأسباب أخرى، أخلاقية ودينية. فقد أغضب القس الإيطالي المتشدد جيوفاني كافالكولي الفاتيكان بتصريحه بأن الزلازل «عقاب سماوي» لجماعات الترويج لحقوق المثليين. قال القس الإيطالي في مقابلة إذاعية بعد الزلزال الأخير نهاية أكتوبر، إن الزلازل تضرب إيطاليا كعقاب سماوي لتخلي الإيطاليين عن روابط الأسرة المقدسة، وتشجيع «الزواج المدني» للمثليين. وسبق أن اعتذرت وزارة الخارجية الإسرائيلية لإيطاليا عن تصريحات نائب وزير الخارجية أيوب قره، التي قال فيها إن الزلازل ضربت إيطاليا كعقاب سماوي أيضاً، لامتناع إيطاليا عن التصويت على قرار في منظمة اليونسكو بشأن القدس. وتصدرت هذه التصريحات عناوين عدة صحف كنوع من الإثارة والاهتمام بما فيها سكاي نيوز. يرى المرء الاختلاف متقارباً لو أنه قارن ما يثار في الواقع الحالي والماضي والدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر كتب في هذا الشأن عن شرعنة الابتلاءات التي تحدث في كوكب الأرض من جدب وغلاء وزلازل وبراكين وسيول وغيرها ليست انتقاماً من الله عز وجل بعباده، وركز على أن السنن الكونية من آيات الله عز وجل، تجعل الناس يلجأون لله ويتضرعون إليه بالدعاء والاستغفار لكشف الضر الذي أصابهم, كما أن هذه الابتلاءات لم يخل عصر ما أو مكان ما منها, ففي عهد الرل والأنبياء حدثت بعض الكوارث، وحددها في عصر صدر الإسلام حيث حدث زلزال هز جبل أحد، وكان الرسول صلي الله عليه وسلم يطلب من أصحابه الدعاء والتضرع إلى الله والاستغفار وهذه الابتلاءات ينطبق عليها قول الله تعالي: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. إذا حددنا هذه الإضافات فلن تبقى هناك أشياء قيد الجدل والخلاف ولن يتعلق الأمر بصراع بين العلم والدين، فالجوهر متطابق، أعني أنهما ليسا نقيضين.