بعيدًا عمّا قيل في برنامج «الثامنة» الذي قدمه ليلة البارحة الزميل داود الشريان على قناة MBC؛ أحسب أن حديث وزير المالية إبراهيم العساف، ووزير الخدمة المدنية خالد العرج، ونائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري التلفزيوني قد أسهم في الإجابة على جملة من التساؤلات المتراكمة التي بدأت في التبلور منذ صدور قرار إيقاف وإلغاء بعض العلاوات والمزايا المالية وتعديل البدلات لموظفي الدولة المدنيين والعسكريين. تأخر الوزراء المعنيين في الظهور الإعلامي أسهم بشكل كبير في إثارة الرأي العام؛ وزيادة حيرته حيال تفسير بعض القرارات ومعرفة مضامينها؛ ما سمح للمتربصين باقتناص الفرصة والدخول لإثارة الرأي العام وتوجيهه؛ وتأويل القرارات وإخراجها عن مسارها الصحيح. يفترض أن يكون التعامل مع القرارات المالية؛ وكل ما له علاقة بجيب المواطن واهتماماته الخدمية؛ وفق رؤية إعلامية دقيقة تسمح بتلاقح الأفكار ومناقشتها وتوضيح مضامينها وأهدافها المرجوة. وأحسب أن آلية ورش العمل التي يمكن من خلالها استيضاح جودة الأفكار ودقتها وإمكانية إيصالها بوضوح للمهتمين وقادة المجتمع؛ إضافة إلى المؤتمرات الصحفية التي تتعامل بشفافية مع وسائل الإعلام والمواطنين؛ هي الأكثر كفاءة ومواءمة لاحتياجات مرحلة إعادة الهيكلة التي تتطلب اتخاذ قرارات تمس حياة المواطنين وتؤثر على معيشتهم ما يستوجب اطلاعهم على تفاصيلها وانعطاساتها المتوقعة بشفافية مطلقة؛ ليكونوا جزءًا من القرارات المهمة المرتبطة بهم. يفترض أن تتميز القرارات الرسمية والأخبار الاقتصادية والمالية المؤثرة على معيشة المواطنين؛ بالشفافية المطلقة والقدرة على إيصالها في وقتها؛ وباحترافية متناهية؛ بعيدًا عن اللبس والتأويل؛ وبما يضمن إيصالها في وقتها للعامة والخاصة وأجهزة الإعلام. تسهم الشفافية المطلقة؛ في الشأن الاقتصادي والمالي والمجتمعي؛ على توفير البيانات المهمة في وقتها؛ وتساعد المختصين والمهتمين بالشأن العام على بناء وجهة نظر علمية وفق بيانات رسمية دقيقة، وأن يشكلوا فيما بينهم جسرًا موثوقًا لإيصال المعلومات الدقيقة لعامة الشعب. كما أنها تمنع التأويلات الخاطئة، وتساعد في ترسيخ الثقة بين المؤسسات الحكومية والعامة من جهة؛ وبينها وبين الإعلام والمختصين من جهة أخرى. يسهم التواصل الإعلامي الفعال في إيصال رؤية الحكومة بدقة وكفاءة وإيجابية للمتلقين. من الطبيعي أن تمر القرارات الحكومية بمراحل كثيرة قبل إصدارها؛ وهي مراحل مهمة لصنع القرار الرشيد؛ غير أن آلية الإعلان عنها يمكن أن تتحكم في نسبة قبولها لدى المواطنين؛ ما يستوجب الأخذ في الاعتبار أهمية الجانب الإعلامي وأثره في تفهم المواطنين للقرارات المصيرية المؤثرة في حياتهم المعيشة. لا تقل الإدارة الإعلامية الكفؤة أهمية عن مراحل صنع القرار المعقدة؛ بل أعتقد أن للإعلام الكفؤ قدرة استثنائية على التأثير الإيجابي على تقبل القرارات وإن ثقلت مضامينها على المواطنين والعكس صحيح. الإنسان عدو ما يجهل؛ ورفع الجهالة بالشفافية المطلقة؛ يسهم في تشكيل الرأي باستقلالية. نحن في أمس الحاجة إلى إعادة النظر في الإدارة الإعلامية للقرارات المهمة والمصيرية؛ ومراجعة الأخطاء وتصحيحها؛ والعمل على إشراك كافة وسائل الإعلام في تغطية القرارات المهمة من خلال مؤتمرات صحفية مفتوحة للوزراء والمسؤولين وبما يسهم في إيصال رسالة الحكومة النقية لمواطنيها؛ ويجيب في الوقت نفسه على تساؤلات المواطنين؛ تعزيزًا للشفافية وحماية للمجتمع والاقتصاد من الشائعات.