لا قيمة للإنسان في هذا الوجود إنْ لم يكن له وطن يحويه ، وأرض يأوي إليها، فالوطن هو الانتماء، وهو سرُّ الوجود، وهويته التي ينتمي إليها في هذه الحياة، والأرض هي الولاء، وهي الإرث والحضارة والتاريخ الحاضر والمستقبل. ولقد شاء الله - سبحانه - أن تشهد إشراقه اليوم الأول من الميزان، ذكرىً مجيدة، لمهبط الوحي، وأرض الرسالة النبوية المقدسة، إذ اجتمعت الكلمة تحت راية التوحيد، على يد مؤسس هذه الدولة الملك عبد العزيز - طيّب الله ثراه -. وها هي الذكرى المجيدة تعاودنا اليوم لتحلّ بعامها السادس والثمانين، ستة وثمانون عاماً على توحيد هذا الوطن المعطاء، ليكون احتفاؤنا اليوم بالوطن مبعثًا لمشاعر الفخر والاعتزاز، وتجديدًا لأواصر الولاء والانتماء، وتجسيدًا لمعاني المواطَنَة واللحمة الوطنية الحقيقة، بين أبناء هذا الوطن الغالي. ولأنَّّ الله سبحانه قد اختار هذه الأرض لتكون قِبلة للمسلمين، وموئلاً لأفئدتهم في شتى بقاع الأرض، ورائدةً للأمتين العربية والإسلامية، فحريٌّ بنا نحن مواطنو هذه الدولة والمقيمون فيها، أن نكون على قدر من المسؤولية الملقاة على عواتقنا، وأن نستشعر نعمة الأمن والأمان والاستقرار التي ننعم بها، وأن نكون سدًّا منيعًا، وحصنًا حصيناً في وجه الأعداء والحاقدين، لاسيما في ظل التحديات السياسية، والتطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، والحملة الشرسة التي تتعرض لها أرض التوحيد، وهو بلا شك واجب أخلاقي، ومطلب ديني ووطني. ولا أجمل من أن تكون هذه الذكرى الوطنية، فرصة لاستذكار التاريخ، وتعريف الأجيال الحاضرة بالمنجزات الحضارية في شتى المجالات التنموية التي شاهدتها مسيرة المملكة، وتحققت في فترة زمنية وجيزة، لا تتجاوز ثمانية عقود، والتعليم أحد تلك المنجزات التي خطت خطوات واسعة في العقدين الأخيرين، وفق رؤية وخطط تطويرية فاعلة، لتهيئة بيئة تعليمية وثقافية حافزة للإنسان، ليكون عنصرًا فاعلاً في وطنه ومجتمعه، والمجتمع الإنساني بشكل عام. حفظ الله لنا وطننا الغالي في يومه الوطني المجيد، وجعله رمزًا للعدالة والإخاء والسلام والإنسانية، وحفظ الله لنا قياداته الرشيدة، ومدَّهم بالعون والسداد، لما فيه صلاح البلاد والعباد.