مقاضاة الوالدين على نشر صور أطفالهم على الإنترنت في وسائل التواصل الاجتماعي من القضايا التي أخذت حيزاً من الاهتمام في الدول الغربية لحماية الخصوصية والسلامة. في فرنسا تم تحذير الآباء والأمهات من نشر صور أطفالهم على الإنترنت تجنباً للغرامات المادية والسجن في حالة الإدانة، بعد شكوى الأبناء من انتهاك خصوصيتهم بالنشر على الإنترنت، وفي النمسا يواجه والدان دعوى قضائية من ابنتهما المراهقة 18 عاماً بعدما نشرا أكثر من 500 صورة على «فيسبوك»، مما عرضها للحرج والمعاناة بعد رفض والديها حذف تلك لصور. وفقاً لدراسة من جامعة ميشيغان أجريت على أطفال ما بين عمر 15-17 عاماً حول نشر صور طفولتهم على الإنترنت، عبر غالبيتهم عن قلقهم من طريقة نشر آبائهم لتفاصيل حياتهم وتقاسم يومياتهم مع الغرباء. في عام 2015 شارك الوالدان بنشر ما يقارب 1000 صورة للطفل على الإنترنت قبل بلوغه سن الخامسة، أكثر من نصف الصور تم نشرها على «فيسبوك» والبقية على تويتر، وانستقرام وفقاً لدراسة بريطانية على (2000) من الآباء، وكشفت الدراسة أن ربع العينة لم يطلبوا الإذن من أطفالهم قبل النشر، كما تجاهل البعض فحص إعدادات الخصوصية والأمان قبل النشر. في السعودية من الشائع جداً نشر صور الأطفال وتداول مواقفهم اليومية المختلفة المضحكة، المحرجة، والمحزنة دون اعتبار لانتهاك خصوصية الطفل وأمنه، حيث تعمد بعض الأمهات على التسابق والتنافس في نشر يوميات طفلها في انتهاك صارخ لحقوق الطفل وخصوصيته، بل يعمد بعض الوالدين لعرض صور وفيديو محرج لطفله بالسخرية منه، أو الضحك على نطقه أو تصرفاته دون تفكير بالعواقب المستقبلية على طفله. من صور الانتهاك في شبكات التواصل الاجتماعية استخدام الوالدين صورة الطفل كمعرف لحساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي، وغالباً ما تستخدم الأم هذه الطريقة تجنباً لنشر صورتها على الإنترنت، ونشر آراء على لسان الطفل في قضايا خلافية وصراعات فكرية للتعبير عن رأيه، بالإضافة إلى اعتماد بعض الحسابات على صورة الطفل ك«موديل» عارض للمنتجات والسلع التسويقية. العديد من الآباء والأمهات يعتقد أن الطفل ملك خاص له يتصرف به كما يشاء، متناسياً مسؤوليته في حماية طفله من أي مؤثرات داخلية أو خارجية، حيث تشكل الصور عامل ضغط على الطفل عند تسجيل إنجازاتهم ليظهروا بالصورة المثالية لإرضاء والديهم، كما تشكل خطراً على سلامة وأمن الطفل مما تعرضه للتنمر الإلكتروني، واستخدام صوره ومعلوماته من قبل المحتالين، أو شركات جمع المعلومات والتسويق. النشر غير المسؤول يساهم في معاناة وبؤس الطفل بعد نشر صوره المحرجة، أو غير اللائقة التي قد تسبب له المعاناة والبؤس، وقد تؤثر على مستقبله عند البحث عن عمل. وأخيراً: عبارات الحقوق الفكرية الشعبية «ما أحلل من ينشر الصورة» المتداولة مع عملية النشر لن تعفيك من مسؤولية حماية حياة طفلك الخاصة بعيداً عن المتطفلين والغرباء، ولن تعفيك من المسؤولية عن حالة البؤس التي قد يعيشها طفلك مستقبلاً. لذا قبل مشاركة الغرباء صور أطفالك فكر ألف مرة بالعواقب المحتملة التي سيتعرض لها طفلك بعد النشر!