استفزني زميلي بعبارة: ماذا قدم الشعراء للوطن؟! لو حورت السؤال: ماذا قدم الإبداع الفني للوطن؟ سؤال عملاق، قد يكون الرد عليه في مجلدات. لكن سوف أحاول الاختصار. من وجهة نظري، أولاً: التاريخ وثقافة الشعوب تخلد المبدعين في الفنون المختلفة النابعة من الذات الإنسانية في خلق النصوص والتراكيب الجديدة. ثانياً: كثير من أهل التخصصات الطبيعية كالطب والهندسة وعلوم الحاسب الآلي متميزون في مجالاتهم، لكن تحول بعضهم إلى المجالات الإبداعية إما بشكل كامل حيث غير تخصصه وتوجه للإبداع، وصار مصدر رزقه وشهرته وحضوره. أعرف أحد الكتاب من دولة الكويت ترك تخصصه الأصلي: هندسة كيميائية، خريج الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعد ما وصل لمركز مرموق في مجاله، وتفرغ لتأليف الروايات.. وأبدع في هذا المسار المختلف كلياً عن سابقه. وإما بشكل جزئي، يعمل بتخصصه ويؤلف في الأدب، كالرواية أو الشعر، وأعرف مجموعة مهندسين معماريين في الأردن، فصارت الهندسة مصدر رزقهم، أما الشعر فهو تعبير عن ذواتهم، وهم راسخون في الوسط الثقافي الأردني خاصة، والعربي بشكل عام، وهناك أستاذة جامعية بدرجة أستاذ مساعد تخصصها حاسب آلي تحاضر في الجامعة وتعمل صحفية، وتكتب الرواية. ثالثاً: إذا كانت العلوم المادية الحضارية، التقنية منها يُرى أثرها إنجازاً واضحاً للعيان، وظاهر الفائدة؛ فإن الأدب تعبير عميق عن مكنون الإنسان وهويته الثقافية.. ومن أسباب كتابة السيرة أن يعبر صاحب السيرة عن مشاعره، ثم بمصارحة الورقة البيضاء عن الفرح والحزن؛ فيخلد حياته بعد موته في أفكاره وتوجهاته. كما تُخلد بعض النصوص بانتقالٍ من عصر إلى عصر، كتعلُّم اللغة العربية وقواعدها من الشعر الجاهلي، وتاريخ واقع الأزمنة وأحداثها. و نستفيد من مقال لماذا نقرأ الأدب ؟ الذي كتبه،ماريو بارغاس يوسا ( 1936 ، البيرو ) أحد ألمع مؤلفي الرواية ونقادها في أمريكا اللاتينية بل حول العالم أجمع . «التخصص العملي له منافع عديدة يسمح باكتشاف أعمق و تجارب أكبر وهو محرك التقدم والتنمية. وصحيح أن قراءة الأدب مصدر للمتعة ولكنه أيضاً مصدر لمعرفة أنفسنا وتكويننا عبر أفعالنا وأحلامنا وما نخاف منه بكل عيوبنا و نقائصنا سواء كنا لوحدنا أو في خضم الجماعة». هذا جوابي يازميلي العزيز. - محمد بن زعير