حظيت الدراما الخليجية في رمضان 2016 باهتمام الإعلام العربي بشكل غير مسبوق، لا سيما بفضل المسلسل الكويتي «ساق البامبو» الذي أثار جدلا كبيرا حوله حتى قبل بداية عرضه. المسلسل مبني على رواية بالاسم ذاته للروائي الكويتي سعود السنعوسي، حصلت في عام 2012 على جائزة الدولة التشجيعية في الكويت، فضلا عن فوزها بجائزة «البوكر» العالمية لأفضل رواية عربية عام 2013. وبدأ الجدل حول المسلسل منذ قرار الرقابة الكويتية منع تصويره في الكويت، وهو ما جعل من دبيوالفلبين مكانا لتصويره، فضلا عن منع عرضه خلال شهر رمضان، ما جعل الأنظار تنجذب إلى هذا العمل، وما يحمله من مواضيع شائكة تجذب إليه المتابعين من كافة أنحاء العالم العربي. فالرواية التي اقتبس منها المسلسل تسجل تواريخها بين الفلبينوالكويت، وتؤرخ لبعض الأحداث التاريخية والسياسية والدينية، وهو ما أثار ضجة كبيرة حول ما يتناوله «ساق البامبو» من قضايا سياسية واجتماعية حساسة، تتصل بالعمالة الأجنبية والهوية، ومحاولة التجذر والانتماء، وخاصة معاناة أبناء الزواج المختلط في الخليج وقضايا البِدون، وهم فئة من سكان الكويت لا يحملون لا الجنسية الكويتية، ولا جنسية أية دولة أخرى. ويروي «ساق البامبو» قصة شاب من أم فلبينية كانت تعمل خادمة عند الأب الكويتي الذي تزوج منها سرا بعد حملها منه، فينتقل الطفل لاحقاً إلى الفلبين للعيش مع والدته في ظل أوضاع مزرية ويسعى للعودة إلى الكويت، وتركز الرواية على مصير أولئك الأبناء الذين يولدون بملامح آسيوية لآباء خليجيين، فلا يعترف بهم أي من المجتمعين. واستلهم السنعوسي اسم روايته من شجرة البامبو الصينية (أي الخيزران) التي يطلق عليها البعض اسم «شجرة الحظ»، وهي شجرة تتميز بأنها تحب النمو في أماكن الظل، ولذلك لا يجب تركها تحت أشعة الشمس، وهو ما حاول السنعوسي تبيانه من خلال تعرية إشكالات في المجتمع الخليجي ظلت دفينة على مدى عقود دون محاولة أي طرف معالجتها وإيجاد الحلول لها. «ساق البامبو» هو دراما تلفزيونية اجتماعية كشفت قضايا حساسة من قبيل النظرة الفوقية وإساءة معاملة العمالة الآسيوية والنظرة الدونية للبدون، وفضحت إشكالات العلاقة التي تنشأ بين الخادمة ومخدومها وقضايا الحب في الخفاء بسبب القيود التي تفرضها التقاليد العربية عامة والخليجية خاصة. ويعد المسلسل نقلة نوعية في الدراما الخليجية حيث أخرجها من عالم القوالب الجاهزة ونمطية الصورة والمواضيع التي اعتادها المشاهد العربي في المسلسلات الخليجية، وكانت هذه المواضيع الشائكة في «ساق البامبو» هي العناصر التي جذبت المشاهدين والنقاد على حد سواء لمتابعة المسلسل والإشادة به وبأداء الممثلين، وخاصة منهم الممثلة الكويتية القديرة سعاد العبد الله التي اتفق الجميع على إتقانها لدورها، والتي قال فيها النقاد إنها كتبت من خلاله تاريخا جديدا لها ولمسيرتها الفنية الحافلة بالأعمال الناجحة. كما شاركت في المسلسل الممثلة الفلبينية مرسيدس كابرال التي تلعب دور الخادمة «جوزفين» والتي أشيع عنها بأنها ممثلة أفلام جنسية، وهو ما نفته مؤخرا رغم اعترافها بتقديم أدوار تضمنت مشاهد عارية تندرج ضمن إطار السينما. كما شهد المسلسل مشاركة الممثل الكوري الأصل وون هو تشونغ، الذي يقوم بدور الشاب الكويتي عيسى الطاروف والذي يعد من أشهر الكوميديين الذين يقدمون فن ما يعرف ب «ستاند أب كوميدي»، وقد أقر وون هو بأنه يتقاسم مع الشخصية التي يلعبها مشكلة البحث عن الهوية كونه كورياً يتحدث العربية بطلاقة. ووصلت الضجة التي أثارها المسلسل إلى مواقع التواصل الاجتماعي وتصدر هاشتاق #ساق_البامبو، تويتر الكويت حيث شهدت الآراء انقساما بين من أشاد بمضمون المسلسل، وأداء الممثلين، وبين من اعتبر أن تحويل العمل الروائي إلى عمل درامي يفقده رونقه وأهميته. يذكر أن مسلسل «ساق البامبو» من سيناريو وحوار الناقد السينمائي المصري رامي عبدالرازق ومن إخراج محمد القفاص، وبطولة كل من الفنانة سعاد عبدالله وعبد المحسن النمر وفيصل العميري ومرام وريم أرحمة وفاطمة الصفي وشجون وغيرهم من نجوم الدراما الخليجية، فضلا عن مشاركة الكوري وان هو تشونج والممثلة الفلبينية مرسيدس كابرال.