أكَّد الشيخ رشيد بن خلف القليب عضو الدعوة بوزارة الشؤون الإسلامية على تعرية فكر التكفير ليندثر الإرهاب. وقال الشيخ القليب في تصريح ل«الجزيرة»: إن نصوص الشريعة قد حذرت من الاستهانة بتكفير المسلمين، وتوعدت مرتكبه أغلظ وعيد، فقال عليه الصلاة والسلام: (أَيُّمَا امْرِئٍ قَالَ لأخيه يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أحدهما، إن كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلا رَجَعَتْ عَلَيْهِ) فكل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأَنَّ محمدًا رسول الله، وُيصلي صلاتنا، فلا يحلُّ لنا أن نحكم بكفره لمجرد ارتكابه لمُكَفِّر، يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا وَاستقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ المُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمةُ اللَّهِ وَذِمةُ رَسُولِهِ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمتِهِ) وهذا ما نبه عليه أئمتنا في السابق واللاحق، أن المسلم باقٍ على إسلامه وإن صدر منه مكفر، إلا بشروط شديدة. واستشهد بما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: (إنَّ المتأوِّل الذي قَصْدُه متابعة الرسول صلى الله عليه وسلِمَ لا يُكَفَّر ولا يفسَّق إذا اجتهد فأخطأ... وأما مسائل العقائد فكثير من الناس كفَّر المخطئين فيها، وهذا القول لا يُعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا عن أحد من أئمة المسلمين، وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع الذين يبتدعون بدعة، ويكفرون من خالفهم كالخوارج) ونقل شيخ الإسلام منهج الإمام أحمد رحمهما الله في عدم تكفير طوائف المسلمين، بل والصلاة خلفهم، فقال: (لم يكفرهم أحمد وأمثاله، بل كان يعتقد إيمانهم وإمامتهم، ويدعو لهم، ويرى الائتمام بهم في الصلوات خلفهم، والحج والغزو معهم). وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-: (وأما ما ذكره الأعداء عني أني أكفر بالظن وبالمولاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة فهذا بهتان عظيم) ثم ينقل الشيخ السعدي -رحمه الله- إجماع العلماء على حرمة تكفير المسلم، فيقول: (إن المتأوِّلين من أهل القبلة الذين ضلوا وأخطأوا في فهم ما جاء به الكتاب والسنّة، مع إيمانهم بالرسول واعتقادهم صدقه في كل ما قال، فهؤلاء قد دل الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدين، وعدم الحكم لهم بأحكام الكافرين، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم والتابعون ومن بعدهم من أئمة السلف على ذلك). وقال ابن عثيمين -رحمه الله-: (ومن موانع التكفير أن يكون له شبهة تأويل في المُكفّر، بحيث يظن أنه على حق، لأنه لم يتعمد الإثم والمخالفة، فيكون داخلاً في قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} ولأن هذا غاية جهده. وأشار في هذا السياق إلى أن المسلمين اتفقوا على صون اللسان من الحكم على مسلم بأحكام الكافرين، وإن ارتكب مكفرًا إلا بشروط محددة ينظر فيها القضاة لا عموم الناس. ووجه رسالة إلى علمائنا ممن عنوا بتدريس نواقض الإسلام، أن يقْرِنوا معها موانع التكفير وإلى دعاتنا وخطبائنا ووسائل إعلامنا، أن يقوموا بواجبهم تجاه هذا الخطر الداهم ثم إلى شبابنا الكرام، أن يتقوا الله تعالى في صون ألسنتهم من تكفير المسلمين أيا كان مذهبه.