كانت عروسًا تتباهى وتتمايل غنجًا ودلالاً تخطو بخطواتها الواثقة، أنيقة المظهر جميلة المنظر أنيسة اللقيا. إن حضر الصيف أزهرت وإن حل الشتاء أينعت للحسن، كانت غادة وللجمال آية وللرقة عنوان، كانت عروس وساحرة الجنوب، وفتنة للسائح طروب.. غاباتها مخضرة.. وحدائقها.. بالزهو مغترة.. مدينة الضباب.. سهلة رغم الصعاب.. عقد ثمين يتباهي بعنقك يا عسير.. جبالها خضراء وأوديتها غناء. هكذا كنتِ يا أبها... في عين كل زائر فتنة جاذبة وللسياحة عاصمة. رسالة موجعة أحملها معي لسيدي صاحب السمو الملكي أمير منطقة عسير.. المحبوب «فيصل بن خالد» -حفظه الله-. فأنا بنت الجنوب أحمل في ذاكرتي تاريخ منطقة عسير السياحية، عسير البكر، عسير التي تحمل كل مقومات الإبداع فكرًا وأدبًا وشعرًا وتاريخًا واقتصادًا. وغناءً هكذا سياحة. .. نشأنا ونحن نعشق عسير المكان والإنسان - هذه المنطقة التي تحوي أرضها جزءًا كبيرًا من تاريخ هذا الوطن العظيم، فكل شبرٍ بأرضها يحكي قصة مجدٍ عظيمة وأسطورة عشق قديمة. فجبالها الشم شاهد عصر لأجيال وأجيال وأرضها تحمل رسالة عشق وحب وولاء وانتماء مواطن لوطن وقيادة. في زيارتي الأخيرة لأبها التي كانت «تنظر لي بعشم كبير» وكأنها تحملني رسالة.. عروس فستان زفافها أقصر من قامتها.. فبدت سوءتها.... لكل زائر يبحث عن حسن آفل وجمال ودع ربيع العمر.. فشاخت قبل أوانها فهل بلغت يا «أبها» أرذل العمر.. أين أنت يا عروس الجنوب وغادتها اللعوب.. «سيدي صاحب السمو أميرنا المحبوب» ما أنا إلا بنت محبة لوطن ولأرض تحمل كل إمكانات ومقومات السياحة التي أهدرت.. ولم تستغل لدعم اقتصاد الوطن.. إنها أرض عسير الغنية جبالاً وسهولاً بما يؤهلها لسياحة عالمية.. فعلى سبيل المثال لا الحصر أثناء نزولي من إحدى العقبات الشهيرة ناجيت ربي وقلت ما أجمل هذه الجبال.. وما أعظم الخالق سبحانه وتعالى.. هل عجز خبراء السياحة في منطقتي عن الاستفادة من دعم السياحة في موسمها؟!.. هل غاب عن عقولهم «اقتراح» مسابقة عالمية لتسلق الجبال لتكون ضمن برنامج التنشيط السياحي لهذا العام؟! فمثل هذه المسابقة ستجعل العالم كله يتوجه بنظره لهذه المنطقة. ولكن عدت لنفسي قليلاً وقلت لعل خبراءنا كانوا أكثر مني فطنة فلم يقترحوا مثل هذا الاقتراح لأن عروس السياحة ورائدتها تفتقد للبنية التحتية وغير جاهزة لمثل هذه الفعاليات عالميًا لضعف الإمكانات.. وكيف لاقتصاد هذه المنطقة أن ينتعش إذا لم نستغل كل هذه المقومات الطبيعية التي أنعم الله بها علينا لتكون رافدًا مهمًا من روافد دعم الاقتصاد الوطني.. لكني أردف وأقول.. لا أعتقد أن مثل هذه الفعاليه تحتاج لمقومات غير المقومات الطبيعية الموجودة.. فكل الإمكانات الطبيعية موجودة ولكن ينقصنا فكر ينهض وعقل يبتكر وضمير يشعر وإحساس بالمسؤولية للنهوض بهذه الأرض..سياحيًا.. متى يدرك مسؤولوا السياحة في المملكة وفي منطقة عسير بأن المُناخ لم يعد عامل الجذب الوحيد للسياح فالإمكانات والمقومات الطبيعيه لا تغني أبدًا عن الإمكانات والمقومات البشرية والاقتصادية والدليل على ذلك أن السياحة في منطقة عسير بشكل عام و«أبها» بشكل خاص في تراجع وأصبح السياح يبحثون عن أماكن أخرى كمتنفس لهم ولأسرهم حتى وإن كانت درجة حرارتها تتجاوز 50 درجة... سيدي «أمير عسير فيصل بن خالد».. أنا مواطنة بكل بساطة أبحث عن سكن مريح ومتنزه جميل وخدمات ومرافق تليق بي وبأسرتي وفعاليات وبرامج منافسة وتحتوي متطلبات جيل مقبل على الحياة ولا يتعارض مع ديننا وعاداتنا وتقاليدنا. فما قدم من فعاليات خلال السنوات الماضية غير كاف «بأبها» عاصمة السياحة ويحتاج المزيد كي يتلاءم مع تطلعات أبنائها الذين عودهم سموكم على الريادة والتصدر.. نحتاج بنية تحتية مميزة عسيرية خاصة لنواكب رؤية المملكة السياحية 2030.