تظل الحركة الخارجية لنقل المعلمين والمعلمات همًا يؤرق كل وزير أو مسؤول يتولى حقيبة وزارة التعليم والسبب الضغوط الهائلة التي يمارسها المعلمون والمعلمات من جهة والمجتمع من جهة أخرى، علمًا بأن المشكلة ليست في وزارة التعليم وليست مشكلة فنية أو تقنية أو حتى إدارية لديهم ليتم معالجتها.. المشكلة بكل بساطة تنقسم إلى قسمين، القسم الأول هو: في عدم فهم إجراءات حركة النقل الخارجية للمعلمين والمعلمات، والقسم الثاني هو: من يتحمل مسؤولية نقل المعلمين والمعلمات وتعيينهم بمعنى آخر من جهة الاختصاص المسؤولة حقيقة عن ذلك. في القسم الأول.. سعى معالي وزير التعليم السابق د. عزام الدخيل أن يعالج هذه المشكلة وأن يوصل فكرة إجراءات حركة النقل الخارجية إلى أكبر شريحة من المعلمين والمعلمات فطلب من المسؤول عن ملف حركة النقل الخارجية د. عبدالرحمن مرزا (المشرف العام على إدارة شؤون المعلمين) في ذلك الوقت للخروج في مقابلة متلفزة لشرح إجراءات الحركة وذلك بعد أن فهم واستوعب المشكلة بل جزم بأن وزارة التعليم تتمنى أن تجد حلاً ولكنها ليست الجهة الوحيدة المسؤولة والمختصة في ذلك، ولم يكتف معاليه بذلك بل طلب من المسؤولين في الوزارة تشكيل لجنة لدراسة حركة النقل وعقد ورش عمل يشارك فيها المعلمون والمعلمات وإتاحة كل وسائل التواصل لكل من لديه فكرة من أجل أن يجدوا حلاً لهذه المشكلة ويجلي هذا الهم الذي يتعب الوزارة والمسؤولين فيها كما يتعب ويرهق المعلمين والمعلمات في كل عام، ولكن للأسف لم يخرجوا بشيء يذكر ولم يجدوا حلاً جذريًا والسبب يعود في إجراءات حركة النقل الخارجية، لذلك من المهم أن نشرح باختصار إجراءات حركة النقل الخارجية للمعلمين والمعلمات التي تبدأ من وزارة المالية باستحداث وظائف تعليمية ثم وزارة الخدمة المدنية لإعطاء أرقام وظيفية ثم تأتي لوزارة التعليم للقيام برصد احتياج الإدارات وعمل الموازنات اللازمة بناءً على عدد الوظائف المتاحة من وزارة المالية وتكييف الاحتياج على ضوء الوظائف المتاحة، وبالطبع الخمس والأربعون إدارة تعليمية ليست على مستوى واحد في الطلب والرغبة من المتقدمين فهناك إدارات تعتبر (طاردة والأخرى جاذبة) بمعنى آخر بعضها يتمنى المعلمون والمعلمات في الميدان الانتقال إليها ويكثر الطلب عليها في حركة النقل، وكذلك يتمنى المعلمون والمعلمات الجدد التعيين فيها والبعض الآخر لا أحد يتمنى الانتقال إليها أو التعيين فيها، بل فيها معلمون ومعلمات يتمنون الخروج منها وفي كل عام يتقدمون لحركة النقل الخارجية، تقوم وزارة التعليم ممثلة بالإدارة العامة لشؤون المعلمين حسب البرنامج الإلكتروني المعد لهذا الغرض بعمل مفاضلة بين المتقدمين وبحسب الأولوية ونقاط المفاضلة المعتمدة من الإدارة يتم نقل عدد من المعلمين والمعلمات حسب إعداد الاحتياج في الأماكن المحتاجة والمرغوبة، ثم بعد ذلك نقل آخرين في أماكن المنقولين إذا كانت مطلوبة ومرغوبة من المتقدمين حسب رغباتهم المسجلة في البرنامج وهكذا حتى تصل المسألة إلى الأماكن والقرى والجر غير المرغوبة بعدد الوظائف المتاحة والمعطاة من وزارة المالية، هنا تبدأ مرحلة التعيين فيتم تعيين المعلمين والمعلمات الجدد في هذه الأماكن وهؤلاء المعينون الجدد بكل تأكيد سيتقدمون إلى حركة النقل الخارجية بنهاية العام والأعوام المقبلة مما يوضح سبب زيادة أعداد المتقدمين للحركة في كل عام، هذه هي الإجراءات بشكل مبسط وأعرف أن لدى البعض تساؤلات من أهمها، لماذا لا تنقل وزارة التعليم جميع المتقدمين؟ الجواب: ليس لديهم وظائف كافية لتعيين معلمين ومعلمات جدد في الأماكن التي تم نقل المعلمين والمعلمات منها إضافة إلى أنهم سيكونون عبئًا جديدًا على المناطق المنقول إليها لأنهم سيكونون زيادة عن الاحتياج كما أن أعدادهم ستكون كبيرة يصعب استيعابهم، وعندما نطلب من وزارة التعليم نقلهم حتى لو لم يكن لديهم وظائف كافية لتعيين جدد لأي منطقة أو إدارة فيها احتياج تبرز مشكلة فمن يسد الاحتياج الموجود في المنطقة والإدارة المنقول منها المعلمون والمعلمات، وحتى لو نقلت الوزارة جميع المعلمين والمعلمات وعينت بدلاً منهم في العام المقبل سنواجه نفس المشكلة لأن المتقدمين لهذه الوظائف سيكونون من جميع أقطار المملكة وليس من أهل المناطق التي بها الاحتياج، فما الحل؟ بالفعل المشكلة معقدة. القسم الثاني: من يتحمل مسؤولية نقل المعلمين والمعلمات وتعيين المعلمين والمعلمات الجدد، المفروض أنهم موظفون مثل بقية موظفي الدولة مما يعنى أن إجراءات النقل والتعيين من اختصاص وزارة الخدمة المدنية، بل هذا ما كان معمولاً به في التعيين على الأقل إلى وقت ليس بالبعيد، ولكن للأسف بعض المسؤولين في وزارة التربية والتعليم آنذاك سعوا جاهدين للحصول على هذه الميزة في نظرهم وكان المسؤولون في وزارة الخدمة المدنية على درجة عالية من فهم المسألة وضغوطها وحجم العمل فيها فتخلصوا من هذا الهم بالاتفاق مع وزارة التربية والتعليم على أن تتولى وزارة الخدمة المدنية تزويدهم بالأعداد المطلوب من المعلمين والمعلمات على شكل قوائم مرتبة وينتهي دورهم، وفرحت وزارة التربية والتعليم بهذه المهمة وهذه المسؤولية الكبيرة التي تعد بالنسبة لهم مكسبًا ولكن للأسف صارت وزارة التعليم في كل عام تواجه الآلاف بل الملايين من التهم والضغوط والتشكيك في دقة عملها ومصداقيته وعدالته. معالي وزير التعليم.. أعتقد أن الوقت حان فنحن نعمل على تحقيق رؤية السعودية 2030 التي بدأت بترتيب الأمور وتحديد جهات الاختصاص وعدم تشعب المسؤوليات فوزارات دمجت وأخرى نقلت بعض مهامها إلى وزارات أخرى وهكذا، لذلك يجب أن تعود الأمور إلى نصابها وتعود حركة نقل المعلمين والمعلمات وتعيين المعلمين والمعلمات الجدد إلى جهة الاختصاص التي هي وزارة الخدمة المدنية لتتفرغ وزارة التعليم للقيام بدورها ومسؤولياتها وما ينتظر منها كثير وكثيرًا جدًا وخصوصًا بعد دمج وزارة التربية والتعليم بوزارة التعليم العالي، وحركة النقل الخارجية للمعلمين والمعلمات وتعيين الجدد بكل تأكيد ليست من اختصاصها.