الاستقالة في جميع المنظمات والهيئات والمؤسسات الربحية وغير الربحية تأتي لأسباب عدة، إما قناعة المسؤول بأنه لم يعد يملك ما يقدمه، أو تلبية لمطالب المستفيدين من خدمات الجهة أو ضغوط الجمعية العمومية، أو لفك أزمة تحيط بها ويرى المستقيل أن رحيله سيكون المنفذ الذي تخرج منه الجهة منها. في الأندية السعودية لا علاقة للاستقالة في الغالب بهذه الأسباب وإن تدثرت بها في البداية، الاستقالة في معظم الأندية التي تحيط بها المشاكل والديون إحاطة السوار بالمعصم، تأتي من أجل كسب التعاطف الجماهيري وزيادة الشعبية، وجعل المطالبين بالاستقالة هم أول المرحبين بالعدول عنها!! الاستقالة في الأندية لا تحدث غالباً لأن الرئيس يريد ترك المنصب فعلاً ولكن من أجل الهروب من المسؤولية والضغوط، ثم العودة بثوب البطل في نهاية القصة.. والأغرب أن الرئيس الذي استقال لأنه فاشل من وجهة نظر الآخرين يعود للمنصب تحت ضغوط هؤلاء وتلبية مطالبهم!! في الأندية يكبل الرئيس وإدارته النادي بديون ومشاكل لا قبل لهم بها، ولا يستطيعون حلها وإن وعدوا في البداية، وعندما تقع الفأس على الرأس يستقيل الرئيس.. وبدلاً من المحاسبة وتقليب دفاتر النادي، والعمل على تصحيح الحال المائل، يعود مدعوماً من لبعض الشرفيين، ويتصور البعض أن كل المشاكل قد انصهرت وأصبحت من الماضي، فيما الحقيقة تقول إن كرة الثلج تكبر وتكبر، ولا ضحية لها في النهاية غير النادي والأدلة موجودة. الهيئة العامة للرياضة يجب أن تتدخل، عندما يستقيل الرئيس، يجب ألا يتم قبول استقالته إلا بعد تقليب الدفاتر وتحميله مسؤولية أي ديون والتزامات ورط النادي بها، ثم يستقيل بكل سهولة وب (حبر بارد)، والهيئة العامة للرياضة يجب أن تدرك أن الأندية تعاني وتعاني، وأن محاولات دمدمة الأمور بطريقة لعل وعسى، وتقديم الاستقالة الصورية لن تفيد، ولن تعالج الأوضاع، وأن أعضاء الشرف بالغاً ما بلغ دعمهم، لن يكون بمقدورهم في النهاية تحمل كل الديون التي تتعاظم يوماً بعد يوم، ولجهات مختلفة في الداخل والخارج، والأندية للأسف تدرك ذلك لكنها تهرب للأمام دون أن تعرف جيداً ماذا يوجد في نهاية الطريق!! استقالة الرئيس واجتماعات أعضاء الشرف، ووعود الدعم التي لا تنتهي، أشياء تخص النادي، وما يخص الهيئة العامة للرياضة أن تضع حداً صريحاً واضحاً يطبق على الجميع بلا استثناء، وأن تطبق الأنظمة المرعية وتصنع الفعل دون مجاملة ودون انتظار ردة الفعل، فما يحدث اليوم مثلاً في ناد بقيمة وتاريخ الاتحاد سيحدث غداً في ناد آخر، ولا فائدة يومها من تبادل الاتهامات والبحث في أوراق الإدارات القديمة، والبحث عن مخارج لأزمات نصنعها بأيدينا، ثم نبحث عن حلول لها!! كتبت في هذه الزاوية غير مرة عن ضرورة تطبيق العمل المؤسسي في الأندية، وعن أهمية تطبيق سياسات المساءلة والشفافية في الأمور المالية للأندية، فللأسف هناك ضبابية حول هذه الأمور، في أندية مثل الهلال والنصر هل يوجد أرقام واضحة حول الحجم الحقيقي للإيرادات والمصروفات السنوية؟ هل توجد موازنة تقديرية في بداية السنة المالية وميزانية فعلية في نهايتها؟ وهل توجد سنة مالية معتمدة أصلاً في الأندية؟ وهل يطلع أعضاء الجمعية العمومية على هذه الأرقام ويتناقشون حولها؟ وهل هناك تدابير فعلية لحل أي مشاكل مالية بعيداً عن أعضاء الشرف كونه مصدرا غير مضمون في النهاية؟ وهل هناك إدارات مستقلة تُعنى بالاستثمار وزيادة مداخيل النادي يعمل بها متخصصون في هذا المجال بعيداً عن مجلس الإدارات والعمل بناءً على العلاقات الشخصية التي قد تخدم يوماً.. لكنها تخذل أيَّاماً أُخر؟؟ لا أعتقد أن الإجابة عن هذه الأسئلة غائبة عن الجميع، ولا أعتقد أن ما يحدث في الأندية الأخرى يختلف أيضاً إلا ما ندر!! أعود إلى حيث بدأت.. وأقول إذا هدد الرئيس بالاستقالة فلا تقنعوه بالعودة، حاسبوه ثم اتركوه يرحل، إلا إذا كنتم ترون أن النادي لا يمكن أن تقوم له قائمة إلا بوجوده.. فهذا شأن آخر، قد يكشف من زاوية أخرى أن العمل في الأندية لم يعد مطمعاً ولا هدفاً لدى أحد، وهو الذي كانت تضرب له أكباد الإبل في سنوات خلت.