يقول المثل «أهل مكة أدرى بشعابها» ولا شك أن الاتحاديين هم أكثر دراية بما يدور في ناديهم، وعندما نريد أن نبحث في أوضاع هذا النادي العريق ونقلب في دفاتره لا سيما في الفترة الأخيرة لن نجد من هو أفضل وأقرب من أحمد مسعود رئيسه «الذهبي» الأسبق وعضو شرفه الحالي، فهو خير من يشخص واقع العميد من معرفة ودراية وخبرة، وهو أيضا خير من يقدم الحلول الممكنه لإنقاذ النادي الكبير والجماهيري من الانهيار. أحمد مسعود وضع مشرطه على كثير من جروح العميد الغائرة وكشف الحقيقة الغائبة وتحدث بالشفافية المطلوبة في هذا الظرف التاريخي.. وهنا نص الحوار معه. * بداية أين أنت من نادي الاتحاد؟ ** أنا بعيد جدا كما هو حال بعض أعضاء الشرف، فما بيني وبين نادي الاتحاد مثل ما بين المشرق والمغرب، وذلك لأمرين، الأول أن بيئة نادي الاتحاد الداخلية لا تساعد على وجودك، وحتى لو رغبت الوجود فإنك لا تستطيع أن تذهب وذلك لعدم وجود دعوة، وإذا تجاوزت ذلك فإنك لا تجد مكانا مناسبا لأعضاء الشرف في النادي ليجتمعوا فيه، فمن الممكن أن نكون غير مرحب بنا من قبل إدارة النادي، وبالتالي كل عضو أصبح يحافظ على كرامته وفضل أن يكون بعيدا، حتى لو طرحت رأيك لا يؤخذ به لأنه لا يوجد تقبل من الإدارة لأي عضو شرف لديه فكرة أو رأي وإنما يريدون منا فقط المادة. * لكن أنت وغيرك من أعضاء الشرف مبتعدون منذ فترة طويلة، والإدارة الحالية لا تتجاوز فترتها السنتين، كيف عرفتم أنكم غير مرحب بكم؟ ** أنا لا أتحدث عن الإدارة الحالية فقط إنما أتحدث عن كل الإدارات في السنوات الأخيرة وليس إدارة واحدة، فالإدارة التي ترغب في وجود أعضاء الشرف تبادر بالتواصل معهم وتهيئ لهم المكان المناسب في النادي، بل نحن في السابق نرسل تذاكر مباريات للأعضاء وندعوهم لحضور التدريبات، أما الآن كل ذلك لا وجود له، وهذا مؤشر سلبي في العلاقة الشرفية بالنادي، ودليل على أن أعضاء الشرف غير مرحب بهم. الوضع لا يشجع * لكن المأخذ الذي يحسب على أعضاء الشرف الذين تتحدث عنهم أنهم لا يدعمون النادي ماديا؟ ** من حق أعضاء الشرف ألا يدعمون ماديا لأن إدارة النادي لا تعطيهم ما يثبت أين صرفت المبالغ المالية ولا تقدم ميزانية مالية تقنع بها الأعضاء، بالتالي لا يلام عضو الشرف إذا شعر بأن الأموال بالنادي تصرف بمزاجية إدارة النادي وبفكرها، لكن لو جاءت إدارة النادي من أول الموسم ووضعت الموازنة التقديرية موضحة بها من أين أتت بالمادة وأين صرفت لوجدت تجاوبا كبيرا من أعضاء الشرف، بينما الذي يحصل هو إحضار للاعبين بالمزاج وإذا لم ينجح يتم تغييره دون أن يكون هناك تقارير فنية تراعي حاجة الفريق، وبالتالي هناك استنزاف للمال مما يجعل عضو الشرف يحجب الدعم. * ما هو السبب من وجهة نظرك؟ ** حتى لا نقول كلاما جزافا فإن انظمة الهيئة العامة للرياضة هي السبب كونها لا تمنح عضو الشرف السلطة على إدارة النادي، وبالتالي الإدارة لا تعطي عضو الشرف أي شيء، كل ما تريده منه هو المال دون معرفته أين يصرف! تريدهم مثل البقرة الحلوب فقط وهذا غير صحي وغير مشجع للعضو ليدعم. وضع النادي مؤلم * كيف ترى أوضاع نادي الاتحاد في ظل المديونيات المالية؟ ** حقيقة لست مطلعا على كيفية إدارة الأمور بالنادي ولا توجد تقارير دورية لأعضاء الشرف أو للإعلام توضح الأمور المالية والإدارية حتى نستطيع أن نعرف ماذا يدور في الاتحاد، فللأسف الأمور مبهمة واستمرار الإدارة في عدم الشفافية وعدم الإفصاح عن القوائم المالية وغياب المصداقية في التعامل يجعلنا نقول بأن وضع الاتحاد مؤلم. وإذا ظلت الأنظمة كما هي فأنا غير متفائل أبدا. لابد من اتخاذ خطوات جريئة من قبل الهيئة العامة للرياضة في تغيير وتنفيذ اللوائح لأن الأنظمة الحالية للهواة ولها سنوات، في ظل تغيير نظام كرة القدم وسلخها من النادي، إذ أصبحت كرة القدم محترفة. * وضعية نادي الاتحاد هل ناقشتموها أنتم كأعضاء شرف في مجالسكم؟ ** لا شك أن الحديث عن نادي الاتحاد في مقدمة أحاديثنا في المجالس، ونحن غير راضين لكن ليس باليد حيلة، فنحن غير مرغوب بنا في النادي ولا نملك سلطة وليس لدينا دور، فالأمر بيد الإدارة والهيئة العامة للرياضة هي من أحضرت الإدارة. * الرئاسة العامة (سابقا) لم تختر الإدارة وإنما اختارتها الجمعية العمومية للنادي، فمن الصعب أن ترفض الرئاسة في ذلك الوقت؟ ** نعم هذا صحيح ولكن الأنظمة هي من سمحت بدخول بعض الأعضاء غير المؤهلين للجمعية العمومية ولم يكونوا أكفاء لهذه المهمة، وبالتالي كانت الاختيارات ضعيفة، إذن الخلل في الأنظمة. لن أعود أبدا * صراحة هل شعرتم بالملل وأنتم تتحدثون عن الاتحاد دون وجود حلول؟ ** لا أخفي عليك أحيانا نصل إلى هذه المرحلة من الإحباط ونتوقف عن الحديث ولكن نعود مرة ثانية للحديث عن الاتحاد فهو جزء من حياتنا ولا نستطيع الابتعاد عنه. * هناك بعض الأحاديث عن ترشحك لرئاسة النادي، ما صحتها؟ ** لا.. غير صحيح لم أترشح ولن أرشح نفسي وهذا ليس تقليلا من نادي الاتحاد، إنما الترشح يكون بهدف إضافة شيء، والأوضاع في النادي لا تساعد على إضافة شيء، فهو يعاني في جوانب كثيرة. * حتى لو كلفت من المسؤول الأول عن الرياضة؟ ** لو كلفت سأقبل ولكن بشروط أولها تحمل الهيئة العامة ديون الاتحاد وتقنين الأمور داخل النادي، حتى على الصعيد الإعلامي لابد أن يكون هناك حماية للذين يعملون بالاتحاد دون أن يكون هناك «تخريب». * هل تعتقد بأن جماهير نادي الاتحاد قامت بدورها كما ينبغي؟ ** نعم قامت بدورها فقد وفت وكفت، ويكفي أنها تحضر بأعداد كبيرة على رغم الأوضاع السيئة التي يعيشها النادي وفي ظل غياب الشفافية والمصداقية. * والإعلام؟ ** للأسف الإعلام لا يقوم بدوره الأساسي، وصراحة الإعلام الرياضي يحتاج إلى غربلة حتى تكون لديه رؤية واضحة، ولابد أن تلتفت وزارة الإعلام إلى ما يدور فيه. * في نظرك من يتحمل هذه الديون المتراكمة على النادي؟ ** لا تستطيع أن تحدد من يتحملها ولا تستطيع أن تقول فردا أو مجموعة، فالطاسة «ضائعة» وبالتالي المشكلة لا تزال قائمة، وإن كنت أحمل الرئاسة العامة لرعاية الشباب سابقا المسؤولية فهي لم تلزم الإدارات إلزاما واضحا وصريحا بكل الالتزامات التي عليها، مما جعل الديون تتراكم من إدارة إلى أخرى، فمثلا أنظمة الرئاسة العامة (سابقا) تنص على إلزام كل ناد بعقد جمعية عمومية نهاية كل موسم وإعلان الميزانية المالية والنادي الذي لا يعقد الجمعية العمومية لسنتين تعفى إدارته، هل هذا معمول به؟ للأسف 90 % من الأندية لا تعقد جمعية عمومية كل موسم ولا توجد متابعة من أعلى سلطة رياضية لهذا الأمر. أيضا اللجان السابقة التي شكلت لتقصي الحقائق في نادي الاتحاد والوقوف على الأمور المالية بالنادي ماذا عنها؟ هل الرئاسة أخذت بتوصياتها؟ الواضح لا.. إذن ما هي الفائدة من تشكيلها، فاذا كان الأمر كذلك تشكل لجنة ومن ثم يتم إيقافها وتتكرر المسألة أكثر من مرة، وفي أكثر من موسم، فمن الطبيعي أن تتراكم الديون على نادي الاتحاد، وتكثر المشكلات في ظل ضعف تطبيق الأنظمة. حفظوا التقرير * ماذا عن تقارير لجنة تقصي الحقائق التي ترأستها؟ ** لا أعلم عنها شيئا، نحن جاءنا توجيه وعملنا بموجبه بكل أمانة ورفعنا التوصيات إلى الرئيس العام ولا نعلم هل جمدت أو عمل بها، لكن حقيقة لا ألمس لها أثرا. * ما هو الهدف إذن.. وهل تم التواصل معكم بعد رفع التقرير؟ ** لم يتم التواصل ولا أعلم ما هو الهدف. * إذن ما هو مقترحك للهيئة العامة للرياضة لمعالجة الديون؟ ** لنقل عفا الله عما سلف، وتبادر الهيئة العامة للرياضة بتحمل مسؤولية معالجة الديون لأمرين الأول أنها مسؤولة عما حدث في نادي الاتحاد، والأمر الآخر أنها هي المرجعية التي يجب أن تعمل للحفاظ على الأندية السعودية وتحميها من الانهيار. وأعتقد لو «نظفت الأندية من كل الديون» تستطيع الهيئة العامة للرياضة فرض سياستها ونهجها مع صرامة التنفيذ والمتابعة وعدم ترك إدارات الأندية تعمل كما تريد، عدا ذلك أعتقد من الصعب أن تخرج الأندية من أزمتها المالية. كما اقترح على الهيئة العامة للرياضة فصل كرة القدم وجعلها قطاعا مستقلا يتم عرضه في السوق كمنتج بنفس الاسم على أن يستخرج له سجل تجاري من وزارة التجارة والاستثمار كشركة مساهمة مغلقة في أول ثلاث سنوات، واستخراج رخصة مزاولة المهنة من الهيئة العامة للرياضة، وتدار هذه اللعبة بطريقة الخصخصة فإن كسبت لها وإن خسرت على نفسها، وبالتالي نحن عالجنا مسألة تقييم الأندية وخصصنا الجزء المحترف بها، أما بقية الألعاب والنشاطات التي بالنادي فتبقى كما هي لأنها لا تعمل على الاحتراف. وبصراحة العمل الحالي لا يساعد على الخصخصة. الهيئة فرصة العمر * أنت تتحدث عن فترة ما قبل تولي الأمير عبدالله بن مساعد زمام الأمور، كيف ترى الأوضاع الآن؟ ** عندما استلم الأمير عبدالله بن مساعد زمام الأمور كنت متفائلا لإيماني بما يحمله من فكر، ولكن المسألة طالت وإن كان الأمير عبدالله سبق أن ذكر أنه يحتاج إلى سنتين على أقل تقدير حتى تظهر نتائج عمله. نتطلع بعد أن تحولت الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الهيئة العامة للرياضة، لأن ينظر للرياضة بمنظور جديد وفي عهد جديد عهد رؤية 2030 التي أعلنت عنها الدولة، ولابد أن نكون أكثر مواكبة للتطوير وأن تكون هناك نقلة نوعية على المستوى الإداري والتنظيمي واللوائح والأنظمة بالنسبة للهيئة لمعالجة الأخطاء خصوصا إذا كان الخلل واضحا كما هو الآن بالأندية. * ما هي رسالتك للأمير عبدالله بن مساعد في ظل هذه الأوضاع؟ ** أولا نبارك لسموه تحويل الرئاسة العامة لرعاية الشباب إلى الهيئة العامة للرياضة، فربما يساعد ذلك على منحه مساحة أفضل للتحرك نحو تعديل وتطوير الرياضة، الأمر الآخر بودي أن أهمس في أذنه بأن الرياضة أمانة في عنقه لا سيما نادي الاتحاد الذي يحتاج إلى مشرط جراح ماهر لإزالة الألم منه.. فكن أنت ذلك الجراح والطبيب المعالج. * ما رأيك في القرض الذي منحته الهيئة العامة للرياضة للنادي؟ ** أنا لست مؤيدا للقرض وسبق أن قلتها للأمير عبدالله بن مساعد، لماذا نحمل الإدارة الجديدة أعباء مالية ليس لها ذنب فيها، كانت هناك ألف طريقة من الممكن أن تعالج بها الديون، فمثلا كان ينبغي على الأمير عبدالله العمل مع الدولة على إزاحة هذه الديون عن الأندية، وفتح صفحة جديدة مع جميع الأندية الرياضية على اعتبار أنها تضم شباب هذا الوطن وتحتاج إلى اهتمام مثل المستشفيات والمدارس، بل الأندية تعد أكبر حاضنة للشباب لا سيما إذا كانت هناك أنشطة رياضية وثقافية واجتماعية تحت إشراف كوادر مؤهلة لتقدم لنا أجيالا من الشباب على قدر كبير من التأهيل، فلماذا لا يكون هناك دعم للأندية؟ * من واقع خبرتك كيف تفسر تولي الهيئة العامة للرياضة إعداد القوائم المالية لنادي الاتحاد؟ ** حقيقة لا أعلم لماذا اتخذت الهيئة العامة الخطوة على رغم أن الهيئة هي من وضعت الإدارة ونصبتها وتضع عليها مراقبين، إذا هي غير مقتنعة بعمل الإدارة ولا تثق بها فلماذا وضعتها؟ * ماذا بقي مما لم نقله؟ ** أتمنى من الأمير عبدالله بن مساعد أن يوجد حلولا للمديونيات التي أغرقت الأندية، فنحن أمام نفق مظلم للأندية السعودية إذا استمر الوضع وبنفس الأنظمة الحالية.