لم يكن توقيع الإدارة الشبابية مع الكابتن سامي الجابر مفاجئاً خصوصاً وأن الحديث عن قدومه للشباب كان متواتراً في شهر يناير بعد رحيل المدرب الأورغواني ألفارو وقبل مجيء التونسي فتحي الجبال.. لكنه بالمقابل أيضاً لم يكن توقيعه هذه الأيام متوقعاً خصوصاً والأنباء سرت بتجديد الثقة بالمدرب التونسي للاستمرار لموسم جديد.. فضلاً عما يعانيه البيت الشبابي من ضائقة مالية تجعل الحديث عن قدوم مدرب وبمبلغ مكلف كما ذكر أمراً شبه مستحيل.. لكن في الأخير حدث غير المتوقع وغير المفاجئ وأصبح سامي الجابر مدرباً للشباب بشكل مبدئي بانتظار التوقيع النهائي.. ليمنح فرصة تاريخية بقيادة فريق عملاق آخر هو الشباب خصوصاً بعد ظهوره الأول بلا إنجاز مع الهلال وخفوت بريقه تدريبياً بعد تجربة الوحدة الإماراتي. ولأن الحديث عن سامي الجابر المدرب مختلف تماماً عن سامي اللاعب.. فالأول لازال يحاول أن يكتب حروفه الأولى كمدرب.. في حين أن سامي اللاعب طاول المجد في سنينه بالملعب.. لذا ربما من الجميل أن نسلط الضوء على التدريب وماهيته ونربطها بمهام الكابتن سامي في تحديه القادم.. فالمهتمون بكرة القدم يعرفون مدرب الفريق بأنه «الشخص صاحب الكاريزما الخاصة.. والذي يستخدم خبراته التي اكتسبها من دورات خاصة ليكوّن مجموعة متناسقة ومنظمة من اللاعبين في فريق واحد وفق خطة لعب معينة تساعدهم في تطوير قدراتهم و تحقيق الفوز». وبظني فلا خلاف على أن سامي يملك الكاريزما ولديه حضوره الخاص في كل مجال عمل فيه.. وعلاوة على ذلك فقد تسلح بالدورات التدريبية اللازمة في علم التدريب.. لكنه بالمقابل يفتقد للخبرة العريضة التي تمكنه من قراءة المتغيرات وإحداث الانقلاب الفني متى ما تعقدت الأمور داخل الملعب.. وهذا الأمر لا يأتي إلا مع تتالي المباريات وصعوبتها.. واختلاف المنافسين وتكتيكاتهم الفنية.. وتباين ظروف اللقاءات سواءً كان الفريق كاسباً أم خاسراً. أما المهمة الأهم والتي تناولها التعريف الخاص بالمدرب فهو تكوين مجموعة متناسقة ومنظمة من اللاعبين.. ولعل هذا الأمر هو أكثر ما يؤرق الشبابيين.. خصوصاً مع قرب أفول جيل النجوم.. وندرة المواهب الشابة التي قلما أثبتت وجودها ووضعت بصمتها مؤخراً.. حتى إن أغلب إن لم يكن كل الشبابيين يتفقون على أن الشباب منذ نهاية دوري 2011 لم يعد بذاك الفريق المرعب.. واختفت لمحاته ومثلثاته.. وإن ظهرت في مباراة أو مباراتين فقد غابت في بقية مبارياته.. حيث لم يعد وجود للصبغة الفنية للفريق الممتع.. وأعتقد أن إعادة تقاليد الشباب الراقية كروياً هي العبء الأكبر الذي سيتولاه المدير الفني الفريق. أما خاتمة التعريف الخاص بالمدرب فأشار إلى نقطة غاية بالأهمية وهي تطوير قدرات اللاعبين.. وهذا بصراحة أكثر ما يعانيه الليوث.. فالكثير من المواهب الشبابية بالفئات السنية تختفي بمجرد وصولها للفريق الأول.. بل إن بعض هؤلاء اللاعبين تجده يبدع بالمنتخبات السعودية ويكون شبه تائه وهو يشارك مع الكتيبة الشبابية.. لذلك فإن إخراج الطاقات الكامنة لدى اللاعبين مهمة لن تكون سهلة للمدرب الوطني ومساعديه.. والعمل على تطوير ما يملكونه من مهارة سيكون هو السبيل لاقحامهم بالفريق لضمان مستقبل أكثر إشراقاً للفريق الشبابي. ولعلي أهمس بأذن الكوتش بالقول: وحده ما تملكه من فكر وما ستقدمه من عمل هو جوازك الدبلوماسي للوسط الرياضي مع انطلاق أول صافرة للموسم الجديد.. فلا اسمك كنجم عندما كنت لاعباً سيصطحبك بالتدريب ولنا في مارادونا خير مثال حيث لم يقدم في التدريب ولا حتى ربع ما قدمه كلاعب، بل على العكس هناك مدربون نالوا الكثير من النجاح في عملهم وهم كلاعبين كانوا مغمورين وخير مثال لذلك البرتغالي مورينهو.. وعلى سامي أيضاً ألا يركن إلى شعبيته مع الهلال فتلك لن تكون حصناً له أمام نقد الشبابيين فإن كنت مع الأزرق تملك إرثاً كنجم، فالشبابيون ينتظرون أن تصنع نجوميتك كمدرب في النادي العاصمي الأعرق.. خصوصاً والليث الأبيض يعاني الهوان الفني آخر المواسم ويبحث المحب الشبابي عمن ينتشله من هذا الوضع الفني المأساوي. أخيراً يفترض أن يكون حضور سامي التدريبي هذه المرة أكثر نضجاً.. فباعتقادي أن تجربته مع الهلال قبل عامين كشفت له الكثير مما في الوسط الرياضي من حراك وما سيواجه من عقبات وما سيطوله من هجوم.. لذا فتسلحه بالثقة في نفسه والإيمان بقدراته هو أهم سلاح في معركته التدريبية القادمة خصوصاً وهو يقود نادياً كبيراً بحجم الشباب.. وعليه أيضاً وضع استراتيجية خاصة ومناسبة لما يملكه من أدوات شبابية لعل ذلك يسهم في استخراج أقصى ما لدى اللاعبين من إمكانات.. وحتماً سيفضي ذلك تالياً إلى أفضل نتيجة ممكنة عطفاً على العمل الفني لصقل ما لدى كتيبته من مقومات.. لينصهر كل ذلك في خدمة الفريق.. وعندئذ سيصنع سامي الجابر مجده التدريبي كما صنعه لاعباً. آخر سطر إذا كنت تمتلك الكرة، فينبغي عليك أن تجعل الملعب كبيرا للغاية، وعند فقدانها يبنغي عليك أن تجعله يبدو صغيرا للغاية أمام منافسيك. (يوهان كرويف)