في نيسان (إبريل) الماضي أقرت «ميتسوبيشي موتورز»، سادس أكبر شركة إنتاج سيارات في اليابان، أنه طوال 25 عامًا لم تكن طرق اختبارها لاقتصاد الوقود مطابقة لأنظمة الحكومة اليابانية، وذلك في خبر ذُكر بإعلان صدر عن «فولسفاغن» في أيلول (سبتمبر) الماضي، كشفت فيه المجموعة أنها بقيت تلجأ إلى الغش في امتحانات القبول الأمريكية طوال عشر سنوات. يشيع هذا النوع من السلوك اللاأخلاقي في عدد كبير من القطاعات، بدءًا بالقطاع المصرفي، ومرورًا بقطاعي التأمين والرعاية الصحية. لكن ما الداعي ليشارك هذا الكم الكبير من الأشخاص في أنماط سلوك تثير الجدل أخلاقيًّا؟ يعزى السبب جزئيًّا إلى الذاكرة الانتقائية، بحسب ما أظهرت بحوثنا. فعندما يتعذر على الناس التقيد بمعاييرهم الأخلاقية الخاصة يهدد هذا الإدراك المزعج صورتهم عن ذاتهم كأشخاص صادقين وطيبين؛ وبالتالي يعتمدون شتى الاستراتيجيات للحد من توترهم، بما يشمل استراتيجية النسيان. واكتشفنا أن الناس أكثر عرضة لنسيان تفاصيل سلوكهم متى كان لاأخلاقيًّا بالمقارنة مع أحداث أخرى، حيادية كانت، أو سلبية، أو إيجابية. ونطلق على هذا التوجه السلوكي تسمية «فقدان الذاكرة اللاأخلاقية». في إحدى الدراسات طلبنا من المشاركين قراءة رواية عن عمل لاأخلاقي؛ فقرأ بعضهم قصة في صيغة الغائب عن شخص آخر، في حين سرد آخرون رواية في صيغة المتكلم. وطُلب منهم أن يتصوروا أنهم مكان مؤلفها. ومن خلال هذا الاختبار تبين أن الناس يميلون إلى نسيان الأعمال اللاأخلاقية التي اقترفوها بأنفسهم، لكنهم يتذكرون تلك التي أقدم عليها آخرون. وفي دراسة أخرى سُمح للمشاركين بالغش في لعبة زهر مقابل تقاضيهم مبلغًا ماليًّا، وذلك عبر تقديمهم تقريرًا مغلوطًا عن أدائهم. ثم قمنا بتقييم ذاكرتهم بعد أيام قليلة؛ لنكتشف أن المشاركين الذين لجؤوا إلى الغش تذكروا أعمالهم بوضوح أقل من أولئك الذي توخوا الصدق أثناء اللعب. والواقع أننا عندما منحنا الغشاشين فرصة أخرى لعدم التقيد بقوانين اللعبة استغلوها مجددًا بإلهام من فقدانهم الذاكرة اللاأخلاقية. نرى بالتالي أننا لو فهمنا النفسية التي توجه قراراتنا سيشجعنا ذلك جميعًا، ويشجع مؤسساتنا على التصرف بطريقة أكثر أخلاقية. - فرانشيسكا جينو أستاذة في «كلية هارفارد للأعمال». ومريم كوشاكي أستاذة مشاركة لمادة الإدارة والمؤسسات في «كلية كيلوغ للإدارة» في «جامعة نورثوسترن».