منذ هبوط أسعار النفط قبل أكثر من عام ونصف زادت حدة التكهنات في أسواق العملات العالمية حول احتمال قيام المملكة بتغيير سعر صرف الريال أمام الدولار المثبت منذ عام 1986م عند 3.75 ريال لكل دولار وهي ليست المرة الأولى لمثل هذه التكهنات إِذ تكررت في مناسبات عديدة تزامنت دائمًا مع تراجع حاد بأسعار النفط الإيراد الأكبر للخزينة العامة والمؤثر الرئيس بالنمو الاقتصادي لأنه ينعكس على حجم الإنفاق الحكومي ودائمًا ما كانت تنتهي موجة المضاربات على الريال بالفشل نتيجة وجود أدوات عديدة لدى مؤسسة النقد للتدخل بالأسواق. ونعيش حاليًا ذات الأجواء السابقة التي انتشرت فيها تكهنات عن تغيير سعر الصرف للريال إلا أن تصريح معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي د.أحمد الخليفي قبل أيام قليلة بأنه لا يوجد نية لدى السعودية لتغيير سعر الصرف وأكَّد بأن كل ما يشاع هي تكهنات أوجدت مضاربات مبنية على افتراضات لاتمت للحقيقة بأي صلة بحسب ما وضح من تصريحه مؤكدًا أن لدى المؤسسة أدوات عديدة للتعامل مع استقرار سعر الصرف للريال مبينًا أن لدى المملكة احتياطيات نقدية تعادل 90 في المائة من حجم الناتج المحلي، كما أن الاقتصاد السعودي حقق نموًا يعد جيدًا، مما يعد تفاعلاً مهمًا وسريعًا ومطلوبًا بتوقيته مع انتشار الشائعات حول تغيير أسعار صرف الريال الذي بالتأكيد سيكون له رد فعل قوي بأسواق العملات عالميًا وعودة أسعار الصرف للعقود المستقبلية لمستوياتها المتوازنة مع سعر الصرف الثابت للريال. ويمكن اعتبار نمو بين 1.5 إلى 2 في المائة بالناتج المحلي حتى وقتنا الراهن جيدًا قياسًا بأوضاع الاقتصاد العالمي السلبية التي اثرت كثيرًا على أسعار السلع خصوصًا النفط فمن المعروف أن الاستقرار المالي والاقتصادي مترابطان وانضباط أحدهما سيعزز قوة الآخر بما يسمح بالنهاية لاستيعاب أي مخاطر من عدم استقرار العملة التي يشكل تقلبها الواسع عبئًا كبيرًا على الاقتصاد وسلامة النظام المالي مما يؤدي لهروب رؤوس الأموال وارتفاع بالتضخم وإفلاسات واسعة لقطاع الأعمال وزيادة كبيرة بالبطالة، ولذلك فإن الإجراءات التي تقوم بها مؤسسة النقد لاستقرار سعر الصرف تعد خط الدفاع الأول لامتصاص آثار الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية السلبية فالعالم بات مترابطًا ومتشابكًا بعلاقاته الاقتصادية بشكل كبير جدًا ولم يعد نقل خبر أو شائعة يأخذ أكثر من أجزاء الثانية حتى ينتشر أو في مجال التعاملات المالية كالمضاربات بالأسواق أيضًا يأخذ ذات المدة حتى ينفذ الأمر مما يعد تحديًا كبيرًا أمام البنوك المركزية والجهات الاقتصادية لمواكبة هذه التطورات وتعطيل آثارها السلبية بالتصريحات والبيانات وأيضًا الأدوات بالسياسة النقدية والمالية عند الضرورة. الاستقرار المالي وثبات أسعار الصرف ليس بالمهمة السهلة حتى في فترات الرخاء الاقتصادي محليًا وعالميًا لأن لكل مرحلة انعكاساتها السلبية والإيجابية ولذلك لا بد من التكثيف للبيانات والتصريحات من قبل كل الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي بالتوقيت والحجم المناسب، ولا بد أيضًا أن تعمل بقية الجهات الاقتصادية كوزارات الاقتصاد والتجارة والعمل والإسكان وغيرها من المعنية بتنشيط الاقتصاد وزيادة الطاقة الاستيعابية فيه على زيادة سهولة الأعمال وتعزيز الفرص للمستثمرين حتى تخف الضغوط على السياسة النقدية وتثمر بإيجابيات كبرى قياسًا بما انعكس من تراجع أوضاع الاقتصاديات الكبرى كالصين وأمريكا ومنطقة اليورو على النمو بالاقتصاد العالمي إلى مستويات متدنية جدًا ما زالت تنذر بمخاطر أوسع إذا لم يتجاوزها العالم في هذا العام.