يعيش الوسط الفني السعودي هذه الأيام في مناخ سينمائي منتعش، ولعل المهرجانات السينمائية التي انطلقت في جهات متفرقة من المملكة خير دليل على ما نقول بالإضافة إلى ذلك (الصحوة) الشبابية التي غزت صناعة السينما المحلية، وأنتجت لنا مجموعة من الأفلام التي كانت لها بصمتها الواضحة، وحصدت جوائز في مهرجانات سينمائية خليجية ومنها مهرجان دبي السينمائي الأخير فيلم (بسطة) للمخرجة هند الفهاد وكذلك فيلم (مريم) للمخرجة فايزة أمبا. هذه المؤشرات الإيجابية جعلت النقاد يتساءلون عن الموعد الحقيقي لانطلاق دور السينما في السعودية لتحتضن هؤلاء الشباب من الجنسين وتحتوي أفكارهم الإبداعية وفي ذات الوقت تغذي الاقتصاد المحلي وخصوصاً إذا عرفنا أن70% من رواد السينما في البحرين هم من السعوديين نقلاً عن مدير المبيعات في أحد دور عروض السينما هناك. لذا طرحنا هذا التساؤل على مجموعة كبيرة من المتورطين في الهمّ السينمائي وكان لنا معهم هذا التحقيق: السيناريست علي الدواء أكد بتفاؤل كبير أن هذا الوقت هو الوقت المناسب لانطلاق دور السينما المحلية وعلل حديثه التفاؤلي قائلاً: تحولنا إلى صنّاع سينما، وبالتالي تجاوزنا مرحلة أن نكون متلقين فقط كما في السابق وأثبتنا في صناعتنا للسينما جدارتنا والدليل المهرجانات السينمائية المحلية، وكذلك الجوائز التي حصدنها على مستوى المهرجانات الخليجية والعالمية والمشجع في الأمر والحديث لعلي، أن وزارة الثقافة والإعلام دعمت وبسخاء الحركة الشبابية السينمائية مؤخراً، وهذا يؤكد أن دور السينما قادمة لا محالة في المستقبل القريب، بل والقريب جداً، كما أن وجود السينما مهم جداً ويوفر الكثير للشباب والعوائل السعودية. وعن العوائق التي أسهمت في تعطل مشروع دور السينما المحلية قال: نحن في طبيعتنا مجتمع مُحافظ ولكن الآن بدأ المجتمع بمختلف فئاته العمرية وشرائحه المختلفة يستوعب موضوع السينما، في ظل الانفتاح الكبير الذي يشهده المجتمع وساعدت فيه وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها. وعن الضوابط والتشريعات التي ينبغي أن تصاحب هذا القرار، قال: أرى أن لا يتم تقنين دور السينما بشكل يحد من حضور العائلة بكاملها، وأقصد بذلك والحديث لعلي أن لا يتم وضع يوم للنساء ويوم للرجال؛ لأن هذا قد يُضعف من نسبة الحضور، ولأن هناك الكثير من العوائل الذين يريدون أن يستمتعوا بمشاهدة الفيلم مع بعضهم، وفي المقابل نحن نطالب لتطبيق عقوبات صارمة لمن يستغل هذه الأماكن لأغراض دنيئة، وتأكيداً على صحة كلامي لدينا مثال في البحرين، أغلب الحضور هم من العوائل السعودية، ولا يتم التعرض لهم، ولو حدث ذلك، فهناك عقوبات صارمة رادعة للمتحرشين، مثل بقية دول العالم. أما الممثل والمنتج مشعل المطيري، قال عن الموضوع: الوقت منذ فترة طويلة قد حان لافتتاح دور السينما لأن العائق الوحيد من وجهة نظري كان بعض التيارات التي صورت السينما وكأنها (شيطان) وهذا غير صحيح؛ لأن الفضاء المفتوح الآن والتكنولوجيا جعلت وسهلت الوصول لأي شيء بينما إذا تحدثنا عن السينما - والكلام للمطيري - لوجدنا أن بمقدورنا متابعة واحتواء ما يُقدم من خلالها. وأضاف المطيري بالقول: بكل صراحة السينما الآن باتت مطلبا مُلحاً وضرورياً وأنا على يقين كامل أن قرار افتتاح دور السينما سيكون قريباً جداً، أما عن التشريعات والإجراءات الرقابية، فالمجتمع الآن وصل لمرحلة تمكنه من استيعاب فكرة دور السينما حتى وإن كانت للعوائل بالعموم دون الفصل بين النساء والرجال، وبالنسبة لحالات التحرش، فأجزم أنها ستكون حالات فردية ولا تذكر، وقطعاً ستكون هناك عقوبات رادعه لهؤلاء. وأكد المطيري على المنافع الاقتصادية لتي ستكون من جراء افتتاح دور السينما لأن هذا سيوفر الكثير من العناء والتكلفة على العائلة السعودية لأن البعض من أفرادها يتكبد عناء السفر من أجل مشاهدة فيلم سينمائي والاستمتاع به في دولة خليجية قريبة. أما المخرج توفيق الزايدي فقد كان له رأي مختلف حيث قال: ينبغي معرفة آراء الجمهور بمختلف شرائحه وفئاته لأن ذلك سيساعد صنّاع القرار كثيراً في اكتشاف ومعرفة مدى رضا وقبول الناس لفكرة وجود دور عرض السينما في السعودية بمدنها المختلفة، أما بالنسبة لي، فالموضوع لا يفرق كثيراً، لأنني لست منتجاً بل مخرج فقط، ويهمني أن يتم الترويج للفيلم على المستوى الخليجي ثم العالمي. وقال المخرج فيصل العتيبي عن رأيه في افتتاح دور السينما: سأتحدث كمواطن أولاً من الناحية الترفيهية، فوجود دور عرض السينما مطلب ضروري ومهم لجميع أفراد المجتمع، ومن الصعب أن يتم الاستغناء عنه، وثانياً كمخرج، لأننا نحن بحاجة لمناخ فني مناسب يجعلنا نتطور وننمو في مجال صناعة السينما والأفلام بشكل عام. أما عن العوائق التي تمنع وجود دور السينما قال العتيبي: بصراحة وجود بعض التيارات التي لديها فهم خاطئ عن السينما، وهذا أدى إلى وجود صراعات في المجتمع حول هذا الموضوع، وأكد في ذات الوقت على أهمية وجود الرقابة والمتابعة على المحتوى، ولكن بالشكل المعقول والمنطقي الذي لا يُفقد محتوى الفيلم قيمته وجماله وروعته.